بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الحاجة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أما بعد:

أَرَكَان

47- أَرَكَان([1])

 
عَيْنَايَ جُودِي بِالوِعَــــاءِ الأَحِمَــــرِ    
 وَلْتُسْعِفِي خَبَــرَ الزَّمَـــانِ الأَكْــدَرِ
فَالدَّمْعُ مِنْكِ جَرَى شَحِيحًا بَــــــارِدًا    
  فِي وَجْهِ ذَا الخَطْبِ الجَلِيلِ الأَكْبَرِ
يَكْفِيكِ مِنْ كَذِبِ الدُّمُوعِ فَأَقْصِـــرِي
     وَلْتُرْسِلِـي سَيْـَـل الدِّمَـا المُتَسَعِّــرِ
فَلَقَدْ أَتَــاكِ كَشَـــرِّ أَنْبَـــاءِ الـــــوَرَى
     خَطْـبٌ يَذِلُّ لَدَيْــهِ هَـــوْلُ المُنْكَــرِ
أَرَكَانُ تَنْزِفُ مِنْ صَمِيمِ وَرِيدِهَــــــا  
   وَأَرَى دُمُوعَكِ دُونَ أَجْرِ المُكْتَرِي
يَـاشَـــرَّ نَائِحَــةٍ تُعِيــــرُ دُمُوعَهَـــــا
     لِبَرِيقِ دِرْهَمِهَا وَوَهْـــجِ الأَصْفَــرِ
فِــي كُلِّ يَوْمٍ مِـــنْ مَنَازِلِهَـــا لَنَـــــا 
    خَبَــــرٌ يُرَقّقُـهُ اعتيـــاد الأخطــــر
فَكَأَنَّمَا الأَخْبَارُ تَخْتَصِـــرُ الحَيَــــــــا   
  رَقْمًـــا يُجَــرَّدُ فِـي ثَنَايَـــا الدَّفْتَـــرِ
أَوْ صُورَةً تَحْكِــي الحَقِيقَـــةَ بَيْنَمَــا
     أَلِفَتْ عُيُونُ النَّــاسِ زُورَ المَنْظَــرِ
أَفْــــلامُهُمْ ذَهَبَتْ بِتَعْظِيـــمِ الدِّمَـــــا  
   فَغَدَى العَظِيمُ سُدًى بِعَيْنِ الأَعْــوَرِ
بَلْ أَكْبَرَتْ مَا كَـانَ مُحْتَقَـــرًا فَــــــذَا
     شَأْنُ العَظِيمِ وَذَاكَ شَـأْنُ الأَحْقَـــرِ
يَـــا لَيْتَهَــــا عَمِيَتْ فَكُنَّـــا وَالّــــذِي  
   فَقَدَ البَصِيرَةَ فِي سَــوَاءِ العُنْصُـرِ
لَكِنَّهَا نَظَرَتْ فَجَارَتْ فِــي القَضَـــــا     
وَتَبَرَّعَــتْ سَفَهًـــا بِدَمْـــعٍ مُهْــدَرِ
تَجْـــرِي مُرَقْرَقَــةً لِكُـــلِّ تَفَاهَـــــــةٍ  
   وَتُـــردُّ دَوْمًـــا للحَقِيــرِ الأصْغَـــرِ
مِنْ نَاظِـــرٍ لُبْسًــــا وَلَيْسَ بِفَاهِــــمٍ  
   أَبَـــدًا وَلا هُوَ بِالسَّمِيـــعِ المُبْصِــرِ
أَرَكاَن ُعُذْرًا قَــدْ تَغَافَلَنَــا الــــوَرَى   
  بِمَشَـــاهِدِ اللَّهْوِ المُضِـلِّ المُسْكِــرِ
وَتَحَامَلَوا حَتَّـى رَأَوْا مِنْ عَجْزِنَــــا     
وَصُدُودِنَــا دُونَ الفَتَـــى المُتَعَثِّـــرِ
أَبْكِيكِ أَمْ أَبْكِـــي الذِّيـــنَ تَنَكَّـــــرُوا 
    إِخْوَانَهُــمْ يَـــوْمَ اشْتِـــدَادِ المِئْــزَرِ
مَــا سَرَّنِي وَاللهِ مَنْظَـــرُ إِخْوَتِــــي  
   بَيْنَ اللَّهِيبِ وَبَيْنَ غَــرْقِ الأَبْحُـــرِ
مَــزْهُوقَةً أَرْوَاحُهُـــمْ وَجُسُومُهُـــمْ   
  تَحْتَ الرُّكَامِ وَفِي ضِفَافِ الأَنهُــرِ
وَيَسُومُهُمْ سُــــوءَ العَـــذَابِ حُثَالَـةٌ    
 مِنْ شَرِّ مَنْ وَلَدَتْ بَنَاتُ الأَصْفَــرِ
أَطْفَالُهَـــا تَصِفُ البَـــلاَءَ وَشِيبُهَـــا  
   تَرْمِـــي الوُجُــوهَ بِنَظْـرَةِ المُتَحَيِّرِ
وَاليَـــأْسُ بَــادٍ فِي المَلامِـحِ كُلَّمَـــا     
رَامَ السَّـــؤُولُ تَفَــاؤُلاً لَـمْ تُظْهِــرِ
وَنِسَاؤُهَا عَرَضُ الكِــلابِ وَدُونَهَــا     
طَمَعُ الذِّئَــابِ وَكَــاسِرَاتُ الأَنْسُرِ
مَا المَالُ عِنْدَهُمُ إِذَا اكْتَسَبُوا سِـوَى     
أَرْزٍ وَخُبْـــزٍ مِـنْ قَفِيـــزِ المُقْتِـــرِ
أَكْـوَاخُهُمْ تِلْكَ التِــي هَوِيَـــتْ بِــــلاَ
     رِيحٍ صَرِيـرٍ أَوْ سَحَـــابٍ مُمْطِــرِ
وَاللهِ قَدْ رُمْـــتُ السُّكُـــوتَ فَلَيْسَ ذَا    
 زَمَــنُ الكَــلاَمِ وَنَظْمِـــيَ المُتَقَعِّـرِ
لَكِنَّ كَفِّــيَ عَــنْ بَلِيـــغِ بَصِيرَتِــــي   
  قَصُرَتْ بِنَــا وَلِسَانُهَــا لَمْ يَقْصُــرِ
وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِـــأَنَّ قَوْلِـــي لَنْ يَفِــي   
  لَكِنَّــهُ صَــوْتُ الحَشَـــا المُتَكَـــدِّرِ
هَذَا وَإِنِّــيَ قَدْ مَلَكْتُ سِـــلاَحَ مَــــنْ
     أَلْقَـى الرُّهَابَ عَلَى قُلُـوبِ العَسْكَرِ
أَعْنِــي الدُّعَاءَ فَخَيْرُ سَهْــمٍ لِلفَتَـــى   
  سَهْـمٌ يُصِيــبُ بِثُلْثِ لَيْـــلٍ مُدْبِــــرِ
فَهُوَ السِّلاحُ وَلَيْتَ شِعْرِي لَـوْ دَرَى   
  قَوْمِــــي صَدَاهُ بِبَرِّهَـــا وَالأَبْحُـــرِ
لَغَدَى الذَّلِيلُ بِهَـا عَزِيـــزًا دُونَمَــــا
     مَلِكِ الجُنُـودِ وَرُغْمَ أَنْفِ القَيْصَــرِ
لَكِنَّهُـمْ تَرَكُــوا اليَقِينَ إِلَـــى الّــــذِي   
  شَبِهَ السَّــرَابَ بِسَهْلِ قَحْطٍ مُقْفِــرِ
وَتَنَافَسوُا وَهْمًا وَضَحُّوا عَنْ غِنًــى 
    بِغِلالِ جَنَّــــاتٍ وَمَـــرْجٍ أَخْضَــــرِ
وَاسْتَنْجَدُوا صَنَمَـا بِــلاَ سَمْــــعٍ وَلاَ  
   بَصَرٍ وَإِنْ سَمِعَ الدُّعَا لَمْ يَحْضُــرِ
أَوَلاَ يَرَوْنَ المَجْدَ فِي سَلَفِ الهُــدَى     
فَكَــأَنَّ شَمْسَهُــمُ إِذَا لَـــمْ تَظْهَـــرِ
وَكَــأَنَّ نَجْمَ الحَقِّ لَـــمْ يَسْطَـــعْ وَلا 
    يَوْمًا أَضَـاءَ عَلَى مَسَـارِ الأَعْصُـرِ
وَكَــأَنَّ ذَاكَ الفَخْـــرَ يَوْمًــا لَمْ يَـكُـنْ   
  مِنْ شَـــأْنِ دِينِهِمُ الأَغَـــرِّ الأَزْهَـرِ
فَـــاللهَ أَسْـــاَلُ أَنْ يُفَـــرِّجَ كَرْبَكُــــمْ
     وَيُزِيــلَ مِنْ هَـــمِّ الأَخِ المُتَكَسِّـــرِ
وَيُعِيــــدَ مِـــنْ بَعْـــدِ المَذَلَّةِ عِــــزَّةً 
    وَيَرُدَّ مِــنْ حَقِّ الضَّعِيفِ المُهْــدَرِ
وَيُجِيرَ قَوْمًـــا لامُجِيـرَ لَهُمْ سِـــوَى     
رَبِّ العِبَــــادِ القَـــــادِرِ المُتَجَبِّـــرِ
وَيُجِيبَ مِنْ سُؤْلِ الضَّعِيفِ لِمَا دَعَا
     وَيَحُطَّ مِنْ قَــــدْرِ الفَتَــــى المُتَكَبِّرِ
وَيَــرُدَّ للإسْـــلامِ مَجْـــدًا ضَائعًـــــا   
  بَيْنَ الكَفِيفِ وَعَجْزِ ذَاكَ المُبْصِــرِ







([1]) قصيدة عن مأساة إخواننا المسلمين في بورما

المشاركات الشائعة