بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الحاجة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أما بعد:

أمير المؤمنين عثمان بن عفّان رضي الله عنه

14- أمير المؤمنين
عثمان بن عفّان رضي الله عنه

 
أَحْمَـــدُ اللهَ ابْتِـــدَاءً كُلَّمَــــــــا     
غَطَّتِ الحِبْــرُ صِحَافًا لَـــمْ تُبَـلْ
وَأُعِيذُ الكَفَّ أَنْ تَحْظَــى بِمَـــا  
   نَـــالَتِ الأَقْلامُ فَخْــرًا وَغَــــزَلْ
وَأَقُولُ الفَصْــلَ لاَ أَعْــدُوهُ أَنْ  
   أَقْرِضَ الشِّعْــرَ غَرَامًــا مُبْتَــذَلْ
فَمِدَادِي لَيْسَ يَجْـــرِي حَيْثُمَــا 
    رَامَــتِ الأَهْوَاءُ ظُلْمًـــا وَدَجَــلْ
إِنَّ شِعْرِي تُرْجُمَانٌ لِلْهُــــــدَى    
وَحُسَـــــامٌ للمُلِمَّـــــاتِ انْسَلَــلْ
ذَكَرَتْ نَفْسِي كَرِيمًا قَدْ قَضَــى   
  فَجَرَى النَّظْمُ كَمَا تَجْرِي المُقَــلْ
وَسَرَى بِالنَّفْسِ سُلْطَانٌ أَتَــــى   
  بِحُــرُوفِ ذَاتِ نَظْــــمٍ وَجُمَــــلْ
ذِكْرُ ذِي النُّورَيْنِ فَخْــرٌ للّــذِي 
    يُهْدِرُ القَوْلَ وَمَــنْ يَسْمَــعْ يَنَـلْ
صَاحِبُ السَّبْقِ لِدِينٍ قَدْ جَـــلا 
    عَنْـهُ أَرْبَـــابُ الدَّنَـايَـا وَالسَّفَـــلْ
بَلَّغَ الصّدِيقُ عُثْمَـــانَ الهُــدَى  
   فَأَنَـابَ الحِينَ لَــمْ يَنْظُــرْ أَجَـــلْ
وَغَدَى ثَــالِثُ مَــنْ قَــالَ بِـــلا  
   رَبَّ غَيْـــرَ اللهِ يُعْبَــدْ وَيُجـَـــــلْ
وَلَكَمْ قَرَّرَ صَحْـبُ المُصْطَفَــــى  
   أَنَّـــهُ الفَاضِــلُ فِيهِــمْ وَالأَجَــلْ
لَيْسَ يَعْدُوهُ سِوَى الصّدّيقُ معْ   
  عُمَرَ الفارُوقَ إجْمَاعُ العُــــــدُلْ
هَجَرَ البَيْتَ وَخَلَّى مَنْ هَـــــوَى    
هِجْرَتَيْنِ يَبْتَغِي المَعْرُوفَ بَـــلْ
ضَاعَفَ الرَّحْمَنُ فَضْــلا فَلَـــــهُ   
  أُجْرَتَيْنِ ، اللهُ أَجْـــزَى إِذْ بَــذَلْ
صَاهَرَ المُخْتَارَ فِي بِنْتَيْهِ مَــــعْ    
صُحْبَةِ المَبْعُوثِ خَتْمًـا للرُّسُـلْ
وَبِيَـــوْمٍ فَقَــدَ الـــــزَّوْجَ فَـــــلا   
  نَظَرَتْ عَيْنَــاهُ خِــلاّ قَدْ رَحَــــلْ
سَرَّهُ المُرْسَلُ صِدْقًا لَوْ غَـــدَى   
  عِنْدَنَـــا أُخْـــرَى لَزِدْنَاكَ النَّفَــلْ
وَاذْكُرَنْ سَعْيَهُ يَوْمَ العُسْرِ فِــي  
   غَزْوَةِ الرُّومِ وَقَدْ جَفَّ الخَضَــلْ
صَاحَ فِي الخَلْقِ النَّبِيُّ المُقْتَدَى  
   مَنْ يُمِيرُ الجُنْدَ ،لَبَّى ذُو الخُلَـلْ
سَوْفَ أَكْفِيكَ الّـــذِي قَدْ رُمْتَـــهُ  
   ثُلُثًـــا ثُمَّ رَبَـــى حَتَّـــى ابْتَـــذَلْ
مُؤْنَـةَ الجَيْشِ طَعَامًـــا وَافِــــرًا  
   وَسِلاحًـــــا وَخُيُـــــولا وَإِبِــــلْ
شَكَرَ الهَادِي فِعَالاَ للفَتَــــــــــى  
   فَجَزَاهُ اللهُ تَضْمِينَ الأَجَـــــــــلْ
قَـــالَ فِيــهِ قَوْلَـةً مَــــا نَالَهَــــا   
  بَعْدَهُ أَهْلُ السَّجَايَا وَالعَمَــــــــلْ
قَالَ مَاضَرَّكَ بَعْدَ اليَـــوْم مَـــــا 
    كَسَبَتْ كَفَّاكَ مِــنْ فِعْــلِ الزَّلَــلْ
وَبِيَــوْمٍ دُقَّ بَـــابُ المُصْطَفَـــى   
  فَقَضَــى فِيمَــنْ تَبَـــدَّى فَدَخَــلْ
أَنَّــهُ مِـــنْ أَهْـــلِ عَـــدْنٍ فَبَـــدَا  
   مِنْهُ ذُو النُّورَيْنِ مُسْجًى بِالحُلَلْ
وَكَتِلْكَ القَـوْل جَـــاءَتْ حِينَمَـــا  
   رَامَ رَومَـــةَ فَاشْتَرَاهَـــا وَسَبَـلْ
وَلَهَـــا حَـــازَ بِدَارًا يَــــــوْمَ أَنْ   
  وَسَّعَ المَسْجِدَ وَابْتَاعَ المَحَـــــلْ
نَصَّ فِيهِ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ ذَا   
  تَسْتَحِي لَحْظهُ أَمْـــلاكُ السُّبُـــلْ
وَلَقَدْ عَدَّهُ فِي العَشْـــرِ الألَــــى    
دَاخِلِي الجَنَّاتِ أَعْقَاب الرُّسُــــلْ
وَرَأَى أَنَّـــهُ قَدْ كَـــالَ المَــــــوَا   
  زِينَ صِدْقًا بِالّذِي كَانَ اشْتَغَــــلْ
وَبِيَومِ الطَّوْدِ طَوْرًا إِذْ جَــــرَى  
   رَاجِفًـــا مَتْنُهُ مِمَّـــا قَدْ حَمَـــــلْ
قَالَ فَاسْكُنْ إِنَّمَا يَعْلُوكَ مَـــــنْ   
  أُوتِيَ القُرْآنَ وَالصَّحْــــبَ الأوَلْ
لَيْسَ فِيهِمْ غَيْرُ صِدِّيـــقٍ كَــذَا    
أَوْ شَهِيدَيْـــنِ فَمَـــا زَادَ الجَبَـــلْ
وَكَيَوْمٍ عَـــاهَدَ النَّـــاسُ عَلَــى  
   نَصْرِ دِينِ اللهِ شِيبًا وَكُهُــــــــــلْ
بَـــايَعَ الحَـــاشِرُ كَفًّـــا للّـــذِي  
   كَانَ يَبْغِي نَصْرَهُ خوف الغيــــل
وَبِيَـوْم طُعِــنَ الإسْـــلامُ فِـــي 
    عُمَرَ الفَارُوقَ وَاسْتَوْفَى الأَجَــلْ
تَـرَكَ الشُّـــورَى بِرَهْـطٍ كُلّهُـمْ   
  أَهْـــلُ رَأْيٍ وَاجْتِهَـــادٍ وَنِحَـــــلْ
فَحَبَاهُ القَــوْمُ أَمْــرَ النّــاسِ إِذْ   
  رَضِيَتْ شَأْنَه أَرْبَـــابُ الــــدُّوَلْ
وَعَرَى الخَلْقَ خِلافٌ فِي الّذِى 
    لَيْلَةَ القَدْرِ مِـــنَ المَوْلَــى نَــزَلْ
فَغَدَى أَوَّلُ مَـــنْ خَــطَّ القُــــرَا   
  نَ بَيَانًــــا وَاجْتِثَاثًـــــا للجَـــدَلْ
وَمَضَـــى حُكْمُهُ عَدْلاً وَرَخًـــا 
    وَأَمَــــانٌ بِالبَــــوَادِي وَالسُّبُـــلْ
فَتَحَ الأَمْصَــارَ أَعْلَـــى وَبَنَــى    
وَأَرَى الكُفَّـــارَ أَنْـــوَاعَ النَّكَـــلْ
ثُمَّ جَاءَ الأَمْرُ مِنْ عِنْدِ الّـــذِي   
  مَلَكَ المُلْكَ فَأَوْلَـــــى وَعَـــــزَلْ
فَاسْتَبَاحَ الهَرْجَ فِتْيَــانُ البِـلَى  
   وَأَتُوا إِثْمًـــا مُبِينًـــا قَدْ بَجُـــــلْ
وَقَضَى المُرْسَلُ لُطْفًا بِالـوَرَى  
   أَنَّـــهُ بِالغَـــدْرِ وَالجُـــورِ قُتِـــلْ
وَرَوَى الفِتْنَـــةَ تَأْتِـــي فَحَكَـى   
  أَنَّ عُثْمَـــانَ بِهَـــا لِلحَـــــقِّ دَلْ
ذَاكَ إِلْفُ الذِّكْرِ حِلْسٌ لِلــدُّجَـى   
  حِلْفُ دِينٍ كَيْفَ يَرْضَى بِالعَطَلْ
ذَاكَ عَبْدٌ خَتَـــمَ القُـــرْآنَ فِـــي 
    رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ لَحْـــنٍ أَوْ خَلَــلْ
ذَاكَ بِالدَّمْعِ سَقَى وَجْهَ الثَّــرَى  
   كُلَّمَـــا صَلَّـــى صَلاةً فَابْتَهَــــلْ
ذَاكَ بَــدْرٌ بِسَمَـــاءِ المَجْدِ مَـــا  
   يَعْتَلِيهِ النَّجْمُ أَوْ يُخْفِي زُحَـــــلْ
ذَاكَ نُورٌ وَضِيـــاءٌ قَدْ سَــــرَى 
    سَبَقَ الأَنْوَارَ وَاجْتَازَ العَجَـــــلْ
ذَاكَ بَحْرٌ بِالهِدَايَاتِ انْطَـــــوَى   
  وَاكْتَفَى اللاّحِقُ مِنْهَا بِالوَشَـــلْ
ذَاكَ لِلمَجْدِ تَمَطَّى وَاسْتَـــــوَى   
  لَيْسَ يَرْضَى بَعْدَ عِزٍّ بِالوَهَــــلْ
ذَاكَ عَبْـــدٌ صُقِلَتْ نَفْسُـــــهُ لا  
   أَهْمَلَ الأُخْرَى وَلا الدُّنْيَا سَـــأَلْ
ذَاكَ صَرْحٌ شَامِخٌ غَابَ فَمَــــا   
  جَادَتِ الأيَّامُ فِينَـــــا مِنْ بَــــدَلْ
كَيْفَ يُرْمَى بَعْدُ عُنْوَانُ التُّـقَى   
  مِنْ بَغِيٍّ لَيْسَ تُخْطِيـــهِ العِلَـــلْ
يَا غَوِيًّـــا للضَّلالاتِ انْبَــــرَى 
    فَأَجَـــازَ الحَــدَّ زُورًا وَدَغَـــــلْ
رُمْتَ بِالظُّلْمِ أَسَاطِينَ الهُـــدَى    
فَرَمَـــاكَ اللهُ أَحْجَـــارَ السَّجَــلْ
قُلْتَ قُبْحًـــا وَافْتْــرَاءً وَعَــدَى  
   سُمُّـــكَ العَلْقَــمُ سَــادَاتِ الأُوَلْ
فَأَنِبْ للحَقِّ إِنَّ الحَـــــــــقَّ لَمْ  
   يَخْفَ بِالنَّاسِ إِذَا مَا الظّلْمُ حَـلْ
وَاذْكُرِ القَبْرَ إِذَا رُمْتَ الخِنَــــا   
  إِنَّ ذِكْرَ القَبْرِ يُزْرِي بِالأَمَــــــلْ
قِفْ قَلِيلاً وَادَّكِرْ يَا مَنْ بَغَـــى   
  وَانْظُرِ الفَضْلَ فَقَدْ جَاءَ المَثـَــلْ
مِنْ لِسَانٍ كَانَ يَبْغِي غَير مَــا  
   خَطَّتِ الأقْــــلامُ عَجْزًا وَكَسَـــلْ
فَمُقَامُ القَوْمِ أَحْــرَى أَنْ يُـرَى 
    فِيهِ نَظْمٌ مِــنْ كَرِيـــمٍ قَدْ كَمـــلْ
غَيْرَ أَنِّى رُمْتُ إِكْرَامًــا عَلَــى  
   نِيَّـةٍ للخَيْـــرِ أَمْلاهَــــا الكَفَــــلْ
وَلَقَــدْ يَعْذِرُنِــــي النَّــــاسُ إِذَا  
   ضَعفَتْ نَفْسِي بِحِمَـــلٍ قَدْ ثَقُــلْ
 
 
 



المشاركات الشائعة