بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الحاجة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أما بعد:

المقدمة

الشّهب الطّوالع

على قلاع أهل الشّرك وأصحاب البدائع 


المقدمة 

يَا مُجْرِيَ الأفْكَارِ مِنْ صُلْبِ الحِجَــــا 
    وَمُصَــرِّفَ الخَطَــــرَاتِ بِالأذْهَــــــانِ
وَمُسَيِّرَ الأَقْلامِ فِــي أَيْـــدِي الـــوَرَى 
    تَصِـــفُ الخَفِـــيَّ بِـــأَحْسَنِ التِّبْيَـــانِ
أَنْتَ الّذِي أَنْطَقْتَ شِعْـــرِي بِالهُـــدَى    
وَجَعَلْـــتَ نَظْمِـــي مُحْكَـــمَ البُنْيَــــانِ
وَحَبَسْتَ حِبْرِي فِي الهِدَايَـةِ وَالتُّقَــى   
  وَعَصَمْتَ كَفِّي عَنْ خُطَى الشَّيْطَـــانِ
أَمَّـرْتَ نَفْسِــــي دُونَ خَلْقِكَ بِالّـــذِي  
   أَخْــــزَى جُنُــودَ الغَــــيِّ وَالبُهْتَــــانِ
وَرَضَيْتَ سَيْفِي طَاعِنًا فِي مَنْ بَغَـــى   
  وَقَضَيْــتَ حُكْمِـــي بَـالِـــغَ البُرْهَـــانِ
وَسَتَرْتَ عَيْبِي عَنْ لَوَاحِظِ عَاذِلِـــــي 
    وَ أَنَـــا المُسِـيءُ صُوَيْحِبُ العِصْيَـانِ
وَمَدَدْتَ مِــنْ كَنَفِ العِنَايَـــةِ نَاصِـــرًا   
  وَجَمَعْـــتَ عِنْـــدِي أَنْفُـسَ الإخْــوَانِ
وَأَرَيْتَنِـــي سُبُـــلَ الغُـــوَاةِ وَدَرْبَهُـــمْ   
  وَجَعَلْتَ سَيْـرِي فِــــي طَرِيـقٍ ثَــــانِ
أَمَّنْتَنِي خَــــوْفَ العِبَــــادِ وَبَطْشَهُــــمْ   
  وَوَهَبْـتَ قَلْبِــي سَطْــوَةَ الشُّجْعَــــانِ
وَبَعَثْتَ مِنْ نَفْسِي مَخَافَـــــةَ خَالِقِـــي  
   وَرَجَاءَ قَلْبِــي فِــي حِمَـى الرَّحمَـــنِ
آوَيْتَنِـــــي دَارَ الهُــــدَى وَرَزَقْتَنِـــــي  
   وَحَبَيْتَنِـــــي بِــــالعِلْــــمِ وَالعِرْفَــــانِ
وَكَسَوْتَنِــــي حُلَلَ الحَيَــــاءِ وَمِثْلهَـــا  
   حُلَــــلاً مِــــنَ التَّوْحِيــدِ بِالأشْجَــــانِ
أَلْهَمْتَنِي تَقْـــوَى الهَـــوَى وَمَنَحْتَنِــي  
   خيْــــرًا يَقُــــومُ بِظَــــاهِرِ الأبْـــــدَانِ
عَلَّمْتَنِي خَيْــــرَ العُلُــــومِ وَزِدْتَنِـــــي  
   حُسْنَ العِبَارَةِ مِنْ فَصِيـــحِ لِسَانِــــي
أَوْكَلْتَنِي قَلَمًـا يُحَبِّـــــرُ مَـــــا يَــــرَى  
   وَيُعَـــوِّضُ الأَنْــــــوَارَ بِالعُمْيَـــــــانِ
وَيُفَقِّهُ الجُهَّــــالَ مِـــــنْ بَعْدِ الغَـــوَى   
  وَيُقَـرِّبُ الأصْـــــوَاتَ بِالطُّرْشَــــــانِ
أَوْعَيْتَنِــي عَقْــلا يُمَيِّزُ مَـــــا خَفِــــي   
  وَفَطَرْتَنِـــــــي بِجِبِلَّـــــةِ الإيمَـــــــانِ
وَهَدَيْتَنِي بِالحِسِّ أَشْهَدُ مَــــا جَـــرَى  
   مِـــنْ صَنْعَـــةِ الرَّحْمَـنِ بِالأكْـــــوَانِ
فَلَكَ المَدَائِــحُ بِاللّسَـــانِ وَمِعْصَمِـــي  
   وَالحَمْــدُ يُقْصَدُ مِـنْ صَمِيـمِ جَنَـانِــي
وَلَكَ الثَّنَاءُ مَتَى جَرَيْتَ بِخَاطِـــــــرِي
     وَالشُّكْــرُ يَحْمِـــلُ سِيرَةَ الأَرْكَــــــانِ
حَمْــدًا كَثِيـــرًا طَيِّبًـــا أُفْضِـــي بِـــــهِ  
   للهِ رَبِّـــــيَ خَـــالِــصِ الإِحْسَـــــــانِ
حَمْدًا كَمَا يَرْضَـــى الإلَـــهُ وَيَبْتَغِــــي   
  وَأَزِيـــدُ حَمْــــدًا لِلرِّضَــى بِبَنَانِــــي
حَمْدًا بِعَـــدِّ سَوَابِــــقِ الإنْعَـــامِ مِـــنْ 
    رَبِّ العِبَـــــادِ مُسَيِّــــرِ الأكْــــــــوَانِ
وَبِقَــــدْرِ ظُلْــــمِ العَالَمِيــــنَ لِرَبِّهِــــمْ  
   وَبِقَدْرِ عَفْــوِ الــــرَّبِّ ذِي الغُفْـــرَانِ
وَبِعَــدِّ خَلْــــقِ اللهِ أَحْسَــــنِ خَالِـــــقٍ   
  مَلِكِ المُلــــوكِ مُدَبِّــــرِ الحَدَثَــــــانِ
مَنْ صَوَّرَ الأَكْـــوَانَ فِـي حُسْنٍ لَهَـــا   
  وَأَضَـــافَ حُسْنَ العَقْـــلِ بِالإنْسَـــانِ
فَلَكَمْ تَعَرَّفَ مِـــنْ فَتًـــى رَبَّ الدُّنَـــــا   
  بِجَمِيــــلِ صُنْـــع الـــوَاحِدِ الدَّيَّــــانِ
رَفَعَ السَّمَاءَ بِغَيْرِ مَا عَمَـــدٍ تُــــــرَى  
   وَدَحَــا لَنَــا الأَرَضِينَ مِــنْ أَزْمَــــانِ
وَأسَالَ مِنْ مُزَنِ الفَضَـــاءِ مِيَاهَهَــــا   
  فَسَقَـــى بِهَـــا العَطْشَـى بِكُـلِّ مَكَـانِ
وَأَبَانَ مِـنْ جَدْبِ الحُقُــولِ زُرُوعَهَـــا   
  وَأَثَــــارَ خَيْــــرَ الثَّمْــــرِ بِالأفْنَــــانِ
وَالرِّيحُ تَجْـــرِي بِالغَيُـــومِ تَسُوقُهَـــا  
   وَالــرَّعْدُ يُنْـذِرُ صَوْلَــــةَ الطُّوفَــــانِ
وَأَنَــــارَ بِالشَّمْسِ المُضِيئَـــةِ يَوْمَهَــا   
  وَأَمَـــــدَّ حِيــــنَ البَــــرْدِ بِالنِّيــــرَانِ
وَأَحَلَّ مِنْ سُـــودِ اللَّيَالِــــي مَسْكَنًــــا 
    لِذَوِي الخُطُـوبِ وَرَاحَـــةِ الحَيَـــوَانِ
وَبَنَى لَنَـــا مِنْ كُـــلِّ بَيْتٍ قَدْ حَــــوَى  
   بَرُّ الخَــــلاءِ وَحَــــاضِرُ العُمْـــــرَانِ
وَطَوَى لَنَا بَيْنَ الجِبَـــــالِ مَسَالِكًــــــا    
وَأَذَلَّ تِلْـــــكَ العَيْــــــــرَ لِلرُّكْبَــــــانِ
وَلَقَدْ أَذَلَّ لِــــوَطْءِ آدَمَ مَــــا ابْتَغَـــــى 
    خُضْــرَ المُــرُوجِ وَأَصْفَــرَ الكُثْبَـــانِ
فَلَهُ المَحَامِــدُ وَالمَدَائِــــحُ وَالرِّضَـــى  
   وَلَهُ الثّنَـــــا وَالشُّكْـــــرُ كُــــــلَّ أَوَانِ
هَذَا وَمِنْ إِحْسَــانِ رَبِّـــي أَنْ بَـــــــرَا  
   مِــنْ كُـــــلِّ مَخْلُـوقٍ بِهَــا زَوْجَــــانِ
وَبَرَا حِبَالَ الوُدِّ تَسْرِي فِــي الـــوَرَى 
    لِتَشَــــاكُلِ الأَرْوَاحِ وَالأبْـــــــــــــدَانِ
فَمَتَـــى تَشَـــابَهَتِ النُّفُـــوسُ تَآلَفَـــتْ  
   وَبَـــدَتْ ثِمَـــــارُ الـــــوُدِّ لِلأعْيَـــــانِ
وَمَتَى تَخَالَفَتِ الطّبَـــــاَعُ تَنَـــــــافَرَتْ 
    وَتَبَـــــــاغَضَتْ لِتَبَـــــاعُدِ الأدْيَـــــانِ
وَاللهُ يَشْهَـــدُ أَنَّ قَلْبِــــــي قَدْ أَبَــــــى  
   حُـبَّ المُخَــــالِفِ سُنَّـــــةَ العَدْنَانِــــي
واللهُ يَعْلَمُ أَنَّ حِبِـّــــيَ فِـــــي الدُّنَـــــا   
  أَهْـــلُ الحَدِيـــثِ وَعَسْكَـــرُ القُــــرْآنِ
وَلَئِــنْ نَظَمْـتُ مِنَ القَصِيـدَ فَضَائِحـًـا  
   وَجَــرَى الهِجَاءُ لأمَّـــــــةِ البُهْتَــــانِ
فَلَقَدْ تَبِعْتُ طَرَائِقَ الأَسْـــلافِ مِـــــنْ  
   أَهْــلِ الهُــــدَى وَمَشَايِــــخِ العِرْفَـــانِ
مِمَّنْ رَمَى الأَشْعَارَ فِي نَحْرِ العِــــدَى   
  رَمْيَ الرِّمَــاحِ إِذَا الْتَقَــــى الصَّفَّـــانِ
فَارْصُدْ لِمَعْرَكَـــةِ القَوَافِــي عَسْكَـــرًا   
  مِـــنْ خِيـــرَةِ الأَجْنَــــادْ وَالفُرْسَـــانِ
وَعُيُونَ أَهْلِ الحَقِّ فِي طَلَـــبِ العِـــدَا  
   عِنْـــدَ الثُّغُـــــورِ وَفِطْنَـــةَ السَّجَّــــانِ
وَفِرَاسَةَ الأَعْــرَابِ فِي زَمَنٍ مَضَـــى   
  وَ فُهُـــومَ أَهْـــــلِ العِلْـــمِ وَالإيمَــــانِ
وَعُقُولَ مَنْ خَبِـــرَ الحَيَــاةَ وَبَطْشَهَــا  
   وَاطْلُــبْ لِنَفْسِـــكَ عِفَّـــةَ الرُّهْبَـــــانِ
وَاسْمَعْ مَوَاعِظَ مَنْ أَبَانَ الزُّهْدَ عَـــنْ 
    دُنْيَـــا العِبَـــــادِ وَكَــــانَ ذَا إِمْكَــــانِ
وَاهْجُـــرْ إلَى بَلَدِ السَّلامَـــةِ وَاجْتَنِـبْ  
   دَارَ الـعَــــدُوِّ وخَلْـطَــــــةَ البُلْـــــدَانِ
وَتَوَقَّ مِــنْ شِعْـــرِ الغُـــــوَاةِ فَـإِنَّــــهُ  
   سُــمُّ النُّفُـــــوسِ وَعِلَّـــــةُ الأبْــــدَانِ
فَلَقَدْ أَتَــاكَ الشِّعْـــرُ طِبًّـــــا بَلْسَمًـــــا   
  فِـــي حُلُـــةِ طُرِزَتْ عَلَـــى الإتْقَـــانِ
نُونِيَّـــةٌ تَهْـــدِي طَرِيـــقَ الحَقِّ مِـــنْ 
    طُـــرُقِ الغُــــوَاةِ وَمَسْلَكِ الشَّيْطَـــانِ
فَـــاحْفَظْ وَلا تَرْكَـــنْ لِعَجْزِكَ إِنَّمَــــــا   
  تُجْــزَى عَلَـى صَبْـرِ الدُّنَــا بِجِنَـــــانِ

.

هناك 8 تعليقات:

  1. أبو عمر محمد22 مارس 2016 في 5:46 م

    جزاكم الله خيراً

    ردحذف
  2. بوركتم أخي مراد على هذه القصيدة الجميلة،وأسأل الله أن يرزقنا وإياكم دوام شكره.

    ردحذف
  3. جزاك الله خيرا و رفع قدرك في الدارين

    ردحذف
  4. جزاكم الله خيرا.... سررت بمروركم ...لا تبخلوا بلاحظاتكم !

    ردحذف
  5. بارك الله فيك أخي الكريم على هذه الأبيات الجميلة والمعبرة

    ردحذف
  6. وفقكم الله يا الشيخ مراد

    ردحذف
  7. قوية أخي مراد، أسأل الله أن ينفعك بها.

    ردحذف

المشاركات الشائعة