بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الحاجة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أما بعد:

بداية الخلق من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية

32- بداية الخلق
من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية

 
غَدَتِ الخَوَاطِرُ ذَاتَ يَـوْمٍ جَـارِيَـــه 
    والنّفْسُ مِنِّـــي للفَضَائِـــلِ هَاوِيَـــه
سَأَلَتْ لشَيْخِيَ ذِي البِدَايَةُ مَا هِـيَ؟   
  فَرَمَى بِطَرْفِهِ ثُـــمَّ أَطْـــرَقَ ثَانِيَـــه
وَأَجَابَنِـــي بَعْـدَ السُّكُـــوتِ لِبُرْهَــةٍ  
   إِنَّ الحَقِيقَـــةَ فِــي جَوَابِــكَ دَانِيَـــه
لَكِـــنَّ قَوْمَـــكَ قَــدْ أَثَـــارُوا فِتْنَـــةً   
  تُرْدِي القُلُــوبَ بُعَيْدَ عِلْـــمٍ خَاوِيَــه
لَفْظُ البِدَايِـــةِ فِـــي العَقِيـدَةِ مُجْمَـلٌ   
  وَمُـرَادُ أَهْلِــهِ مِنْــهُ ضَـــمَّ مَعَانِيَـــا
إِنْ كُنْــتَ تَعْنِـــي يَابُنَـــيَّ بِدَايَتِـــي   
  وَبِدَايَةَ الدُّنْيَــا الّتِـــي هِـــيَ فَانِيَــه
فَاطْلُبْ جَوَابَكَ عِنْدَ قَوْلِ المُصْطَفَى 
    قَلَـــمُ الكِتَابَـــةِ كَــــانَ أَوَّلَ بَادِيَـــه
أَوْ كُنْتَ تُطْلِقُ كُــلَّ خَلْـــقٍ قَدْ بَـــدَا 
    فَأَعِدْ سُؤَالَكَ قَدْ أَتَيْتَ بِدَاهِيَـــــــــه
هَلْ كَانَ رَبُّكَ قَبْــلَ بَدْئِــكَ صَامِتًـــا 
    أَمْ كَانَ يُهْدِرُ مِـــنْ كَلامِـــهِ لاَغِيَــا
أَوْ ظَلَّ دَهْرًا لَيْسَ يَـــرْزُقُ كَائِنًــــا   
  وَلَرُبَّمَــا سَمِــعَ الفَـــرَاغَ مُنَادِيَــــا
أَوْ كَانَ يُبْصِرُ دُونَ شَـيْءٍ ظَاهِـــرٍ    
أَوْ كَانَ وَحْدَهُ عَنْ مَكَــــانِهِ عَالِيَـــا
قُلْتُ اسْتَبِــنْ فَلَقَدْ قَطَعْـتَ فَرَاسَتِي   
  وَرَفَعْتَ قَوْلاً فِــــي البَلاَغَةِ عَالِيَـــا
قَــالَ الخَلاَئِقُ إِذْ يَجُـــوزُ فَنَـاؤُهَــا   
  فَلَهَـــا الحُدُوثُ وَلَيْسَ ذَلِــكَ خَافِيَـا
لَكِنَّ وَصْـفَ الخَلْقِ لَيْــسَ بِحَـادِثٍ   
  حَتَّــى يَكُــونَ بُعَيْدَ نَفْيِــهِ سَارِيَـــــا
فَرَجَوْتُـــهُ بَيِّــــنْ كَــــلاَمَكَ إِنَّنِـــي   
  مِثْلُ الأَصَمِّ مَتَــى عَنَتْـــهُ الغَانِيَــــه
فَأَجَابَنِي لاَ تَهْـــجُ سَمْعَـــكَ رَيْثَمَـا  
   أُنْهِـــي الكَـــلاَمَ فَكُـلُّ أُذْنٍ حَاوِيَــــه
مَا كَانَ رَبِّـــي مُنْذُ كَـــانَ مُعَطَّـــلاٌ   
  كَلاَّ يَقِينًـــا بَـــلْ فِعَالـــهُ جَارِيَــــــه
وَحَيَاتُهُ تَقْضِي الفِعَــالَ وَلَيْسَ مَــا   
  لَزِمَ الجُمُودَ بِوَصْفِ حَــــيٍّ وَالِيَـــا
مَــــا دَامَ رَبِّــــي قَدْ أَرَادَ بِقُـــــدْرَةٍ   
  آثَارُ فِعْلِــهِ لَـــنْ تُخَـــالِفَ لاَغِيَــــه
فَسَألْتُ يَــا شَيْخِـــي لَعَلَّكَ فَاهِمِــي   
  أَبْغِي جَوَابًـا عَـــنْ حَدِيثِ الرَّاوِيَــه
ابْنُ الحُصَيْنِ فَذَاكَ مَصْدَرُ شُبْهَتِـي   
  وَكَلاَمُـــــهُ المَرْفُوعُ أَشْغَـــلَ بَالِــيَ
فِيـــهِ المَعِيَّـــةُ لَـــوْ تُبَيِّـنُ حَدَّهَــــا    
وَكَــذَا البِـــدَاءُ فَذَاكَ جُـــلُّ سُؤَالِــيَ
قَالَ المَعِيَّـــةُ لَيْـــسَ لَفْظًـــا ثًابِتًـــا  
   وَأَرَاهُ وَهْمًــا مِـــنْ رُوَاتِـــهِ بَادِيَـــا
وَرِوَايَةُ القَبْلِ الّتِــي هِـــيَ عِنْدَنَـــا  
   لَفْظُ "الصَّحِيحِ" فَكُنْ لِمَتْنِهِ وَاعِيَــا
وَلَهَا شَوَاهِدُ مِنْ حَدِيثِ المُصْطَفَى    
فِي سَفْرِ مُسْلِمَ مِنْ خِطَابِ الدَّاعِيَـه
ثُـــمَّ الحَدِيـــثُ فَقَدْ أَبَـــانَ سِيَاقُـــهُ    
مَعْنَى البِدَاءِ فَكُنْ لِفَهْمِـــهِ سَاعِيَـــا
فَالسَّائِــلُ المَعْنِـــيُّ قَـــالَ بِنَفْسِــــهِ    
"هَـذَا " مُرِيـــدًا لِلمُشَـــاهَدِ عَانِيَــا
قُلْنَا التّسَلْسُلُ ذَاكَ مَصْـــدَرُ شُبْهَــةٍ  
   فِــي مِثْلِ قَوْلِكَ يَـــا وَلِيدَ الغَالِيَــــه
قَـــالَ التَّسَلْسُلُ قَــدْ يَجُـــوزُ بِفِعْلِــهِ 
    مِثْــلُ التَّسَلْسُلِ بَعْدَ وَقْـــعِ الغَاشِيَـه
أَمَّا حُدُوثُــهُ فِـــي كَوَامِـــنِ خَلْقِـــهِ 
    فَالمُسْتَحِيـــلُ وَلاَ أَرَاكَـــهُ نَاوِيَـــــا
قُلْنَــا لَـــهُ شَيْــــخَ الهِدَايَــــةِ دُلَّنَــا    
إِنَّ العِبَــــادَ لِغَيْــــرِ قَوْلِــكَ تَالِيَــــه
وَلَقَدْ رَمَـوْكَ بِـــأَنَّ قَوْلَكَ يَقْتَضِـــي   
  قِدَمَ العَوَالِـــمِ وَاعْتِقَـــادَ الصَابِيَــــه
وَالأَشْعَرِيُّ بِضِدِّ حُكْمِكَ قَـــدْ حَـكَى 
    رَأْيًا شَهِيـــرًا لَيْسَ شَـــأْنُهُ خَافِيَــــا
قَـــالَ المُسَمَّى لَيْـــسَ يَمْـلِكُ حُجَّـةً 
    حَتَّـــى أَكُونَ لِمِثْـلِ قَوْلِـــهِ دَاعِيَــــا
وَدَعِ العِبَادَ فَلاَ يَضُــرَّكَ رَأْيُهُـــــــمْ  
   وَاحْذَرْ ذِئَابًا حَوْلَ حَوْضِكَ عَاوِيَـــه
إِذْ كُلُّ قَوْلٍ فِـــي الدِّيَـــانَةِ مُنْكَــــــرٌ   
  مَا دَامَ رَأْيًــــا عَـــنْ دَلِيلِهِ عَارِيَــــا
يَا مَنْ تَسَاءلُ عَــنْ حَقِيقَةِ شَيْخِنَــا   
  شَيْخِــي كِتَـــابٌ قَدْ لَقَيْتُـــهُ سَامِيَــا
لِلعَـــالِمِ النِّحْرِيـــرِ قُطْبِ زَمَانِــــــهِ   
  أَعْنِي الفَقِيهَ فَتَى الهُدَى الحَرَّانِــــيَ
تَـمَّ الكَـــلاَمُ فَهَـــاكَ مِنـــهُ تَحِيَّتِــي    
وَكَذَا السَّــلاَمُ فَـــرُدَّ مِنْـــهُ سَلاَمِــيَ
وَاللهَ أَسْــــأَلُ أَنْ يُبَلِّغَــــكَ الهُـــدَى   
  وَيُرِيكَ دِينَهُ لَيْـــسَ دُونَـــهُ غَاشِيَـه






المشاركات الشائعة