بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الحاجة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أما بعد:

نصيحة أهل الإيمان في الرّد على منطق اليونان


مقدمة


أَشْهَدُ أَنَّ اللَهَ لاَ سِــــــــــــــــوَاهُ     يَعْرِفُ بِالتَّوْفِيقِ مَنْ دَعـَــــــــــاهُ


مُنْفَرِدًا بِالاِسْمِ وَالصِّفَـــــــــــاتِ     عَنْ سَائِرِ الأَعْيَانِ وَالــــــــذَّوَاتِ


وَبَعْدُ إِنِّي لِلرَّسُولِ تَابِــــــــــــع     وَفِي ثَرَاهُ لِلخُطَى مُسَـــــــــــــارِع


أَفْتَتِحُ القَصِيدَ بِالشَّهَـــــــــــــادَة     مُخَالِفًا فِي نَظْمِيَ المُعْتَـــــــــــــادَ


لِمُقْتَضًى خَفِيٍّ قَدْ وَعَــــــــــــاهُ     مَنْ حَقَّقَ المَقَالَ وَارْتَضَـــــــــــاهُ


وَهَذِهِ أُرْجُوزَةٌ لَطِيفَـــــــــــــــة     بِمَا حَوَتْهُ مِنْ هُدًى مُنِيفَــــــــــــة


خَالِصَةً لِلنَّقِد وَالحِجَــــــــــــاجِ     فَسِيحَةُ الأَرْجَاءِ وَالفِجَــــــــــــاجِ


نَصِيحَةٌ لِلدِّينِ وَالإِيمَـــــــــــانِ     عَاصِفَةً بِالمَنْطِقِ اليُونَـــــــــــانِي


فَكَمْ مِنْ مُسْلِمٍ بِهِ قَدْ اِفْتَتَـــــــــنْ     وَدِينَهُ لأَجْلِ ذَاكَ قَدْ رَهَـــــــــــنْ


حَتَّى رَأَوْهُ غَايَةَ الأَمَــــــــــانِي     وَنَصَّبُوهُ نِدًّا لِلقُــــــــــــــــــــرآنِ


قاعدة هي أصل المنطق


 والرّد عليها في أربع قضايا


أَصْلُ المَنَاطِقِ الّذِي بِهِ عُلِـــــمْ     عِنْدَ العِبَادِ دُونَ سَائِرِ الكَلِـــــــــمْ


أَنَّ العُلُومَ كُلَّهَا قِسْمَـــــــــــــانِ     أَوَّلُهَا تَصَوُّرُ المَعَانـــِـــــــــــــــي


وَالثَّانِي بَعْدَ فَهْمِنَا التَّصْدِيــــــقُ     وَلاَ قَسِيمَ غَيْرُهَا يَلِيـــــــــــــــــقُ


ثُمَّ التَصْوِيرُ بُعْدٌ لاَ يُقَـــــــــــامُ     إِلاَّ بِحَدٍّ خَطّهُ الأَنَــــــــــــــــــــامُ


أَمَّا تَصْديِقُنَا فَمُقْتَضـَــــــــــــــاهُ     بِحُجَّةِ القِيَاسِ لا سِــــــــــــــــوَاهُ


وَعِنْدَنَا عَنْ ذَا الكَلامِ أَرْبَـــــــعٌ     مِنَ القَضَايَا بِالجَوابِ تُتْبَــــــــــعُ


القضيّة الاولى


حصر التصوّر في الحدّ


فَالأَوَّلُ الحَصْرُ لِمَنْ تَصَـــــوَّرَ     بِأَنَّهُ لِلْحَدِّ قَدْ تَدَبَّـــــــــــــــــــــــرَ


فَقُلْنَا لِلدَّعِيِّ مَا الدَّلِيــــــــــــــلُ     وَلَيْسَ حِبْرُكُمْ بِذَا يَسِيـــــــــــــــلُ


فَذِي الحُدودُ مِنْ صِنَاعَةِ البَشَرْ     فَكَيْفَ أَدْرَكُوهُ قَبْل يَا غُمَــــــــــرْ


كَذَا الكَثِيرُ دُونَ حَدٍّ صَــــوَّرُوا     عُلُومَهُمْ وَمَا بِعَيْبٍ أَنْكَـــــــــــرُوا


وَلاَ تَرَى الحُدودَ إِلاَّ نَـــــــادِرَا     وَلَيْسَ غَيْرُكُمْ بِهَا مُكَاثِــــــــــــرَا


وَالاِعْتِرَاضُ فِي الحُدُودِ غَالِـبٌ     فَهَلْ تَرَاهُ لِلعُلُومِ سَالِـــــــــــــــبٌ


وَالحَدُّ عِنْدَكُمْ فَلاَ تَــــــــــــــرَاهُ     إِلاَّ بِجِنْسٍ فَصْلُــــــــــــــــهُ وَرَاهُ


وَلَيْسَ كُلُّ ظَاهِرٍ لَــــــــــــــدَيْهِ     جِنْسٌ يَرُدُّ أَصْلُهُ إِلَيْــــــــــــــــــهِ


وَالجِنْسَ مُحْتَاجُ لأَنْ يُصَـــــوَّرَ     وَذَا تَسَلْسُلٌ وَقَدْ تَـــــــــــــــــدَوَّرَ


والجِنْسُ إِمَا كَابَرَ أَوْ أَصْغَــــــرْ     ومَا لَدَى الأَجْنَاسِ سَقْفٌ أَكَبَـــــرْ


كَذَا الصَّغِيرُ جَائِزُ الـــــــــزَّوَالِ     لِقُرْبِهِ المَحْدُودُ فِي المَـــــــــــــآلِ


كَذَا الحُدُودُ بِالأَلْفَاِظ تُعْلَــــــــــمُ     وَكَمْ ذَكِيَّا دُونَ لَفْظٍ يَفْهَــــــــــــــمُ


ثُمَّ الحَوَاسُ كَمْ بَنَتْ تَصَـــــوُّرَا     والبَاقِي بِالفُؤَادِ مَا تَنَــــــــــــــوَّرَا


والظَّاهِرُ المَعْرُوفُ كَالبَدِيهِــــي     فَمُذُ مَتَى بِالحَدِّ تَبْتَغِيـــــــــــــــــهِ


وبِالنَّقِيضِ فَالحُدُودُ تَبْطـُـــــــــلُ     وَلاَ نَقِيضَ إِلاَّ مَا يُعَلَّــــــــــــــــلُ


وذَا تَسَلْسُلٌ فَهَلْ أَعـَـــــــــــــــدَّ     لِدَوْرِهِ الجَوَابَ إِذْ تَــــــــــــــعَدَّى


القضيّة الثانية


هل يفيد الحد التصوّر


والثَّانِي فِي الحُدُودِ هَلْ تُفِيــــــدُ     أَمْ أَنَّهَا لِمُدْرَكٍ تَزِيــــــــــــــــــــدُ


والنَّاظِرُونَ فِيهِ قَدْ تَبَـــــــــــدُّوا     بِأَنَّهُ لِلفَصْلِ لَيْسَ يَعْـــــــــــــــدُوا


بَلْ مِنْهُمُ مَنْ نَصَّ القَوْلَ فِيــــــهِ     بـِأَنَّهُ فِي العَقْلِ لِلتَنْبِيـــــــــــــــــهِ


كَالاسْمِ وَالمَجَازِ وَالإِشَــــــــارَةِ     فَهَلْ تُفِيدُ مُطْلَقُ العِبَـــــــــــــــارَةِ


والرَّازِي مِنْ شُيُوخِكُمْ وَقَدْ كَتَبْ     لَيْسَ التَصْويرُ فِي العُقُولِ يُكْتَسَبْ


ومِنْ عَجَائِبِ الأُمُورِ رَدُّهُــــــمْ     قَوْلَ الرَّسُولِ إِذْ أُحِقَّ حَدُّهُـــــــــمْ


وكَانُوا فِي المَنْقُولِ رَدُّوا وَاحِـدَا     وَقَلَّدُوهُ فِي الحُدُودِ مُرْشِــــــــــــدَا


والحَدُّ مِنْ قَوْلِ العِبَادِ مُنْتَهَــــــلْ     والكِذْبُ فِي صِفَاتِهِمْ فَيُحْتَمَــــــــلْ


ومَنْ غَدَا عَنِ التَصْوِيرِ غَافِـــلاَ     فَكَيْفَ ذَا للحَدِ بَاتَ سَــــــــــــائِلاَ


أَمْ كَيْفَ قَصَّ أَمَرًا مَا وَعـَـــــاهُ     وَدوُنَ مَا تَصوَّرَ تَــــــــــــــــــلاَهُ


والحَدُّ نَاطِق عَنِ المَاهِيـَـــــــــة     ومَا لَهَا مِنَ الوُجُودِ شَــــــــــــــيَّا


إِلاَ بِفَرَضٍ مِنَ العُقُــــــــــــــولِ     وبَادِيَ الإخْطَاءِ فِي النُّقُــــــــــولِ


وكُلُّ قَوْلٍ قَدْ يَجُوزُ نَقْــــــــــــدُهُ     بِأَنَّهُ عَنِ الأَعْرَاضِ حَـــــــــــــدُّهٌ


القضيّة الثالثة


حصر التصديق في القياس


ثَاِلثُهَا مِنْ غَيْرَ مَا اِلْتِبَــــــــــاسٍ     حَصْرُ التَصْدِيقِ بَعْدُ فِي القِيـَـاسِ


وَتِلْكَ فَرِيَةٌ وَقَدْ تَرَاهـَــــــــــــــا     بَعْدَ الجَوَابِ وَاضِحٌ فِرَاهَـــــــــــا


فَفِي العُلُومِ مُدْرِكٌ بَدِيهـِـــــــــي     ولاَ دَلِيلَ عَنْهُ يَسْتَوْفِيـــــــــــــــــهِ


كَذَا الحَوَاسُ تُوجِبُ التَّصْدِيـــقَ     مِنْ غَيْرِ مَا حِبْرٍ لَكُمْ أُرِيــــــــــقَ


بَلْ كُلّ ذِي مُسْتَلزَمٍ دَلِيــــــــــلُ     وَنَقْضُهُ عَقْلاً فَيَسْتَحِيـــــــــــــــــلُ


وَكَمْ جَرَى التَّعْلِيمُ فِي أُنَــــــاسٍ     مَعَ جَهْلِهم بِصَنَعَةِ القِيَــــــــــــاسِ


والبَدْءُ فِي القِيَاسِ مِنْ قَضَايَــــا     مَشْرُوطَةُ التَّصْدِيقِ فِي الرِّوَايَــــة


فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ لِمَنْ تَدَبَّــــــــــــــرَ     شَرْطَ القِيَاسِ أو لَهُ تَذْكِّـــــــــــــرَ


وعَدَّهَا فِي قَوِلِكُمْ ثِنْتَـــــــــــــانِ     مِنْ غَيْرِ مَا نَصٍّ وَلاَ بُرْهـَــــــانِ


وفِي الكَلاَمِ جُمَلٌ فَرِيــــــــــــدَةُ     أَفَادَتِ العُلُومَ وَالعَقيِــــــــــــــــــدَة


وَبَعْضُنَا يَحْتاَجٌ فِي الدَّلِيــــــــلِ     إلِىَ كَثِيرِ اللّفْظِ و المَقِيـــــــــــــــلِ


ولا قِيَاسَ صِيغَ مِنْ جُزْئِيَــــــة     وَلَيْسَ فِي الوُجُودِ مِنْ كُلِّيـَــــــــــة


وفِي الحِجَا مَصْدَرُهَا التَّمْثِيــــلُ     وذَا بُرْهَانٌ عِنْدَكُمْ عَليِــــــــــــــلُ


وغَايَةُ العُلُومِ فِي مُعَيَّـــــــــــــن     أَعْنِي الإِلَهَ الوَاحِدَ المُهَيْمِــــــــــن


وكُلٌّ عِلْمٍ لَيْسَ يَرْتَجِيـــــــــــــهِ     فَلَيس فِي الوُجُودِ مَنْ يَبْغِيــــــــــهِ


ويُعْرَفُ الرَّبُ الكَرِيمُ الأَعْلـَــى     تَلَقِيًّا وبِقِيَاسِ الأَوْلـَـــــــــــــــــــى


أمَّا قِيَاسُكُمْ فَلَيْسَ فِيــــــــــــــــهِ     ذِكْرٌ لِرَبِّنَا فَنَرْتَضِيــــــــــــــــــــهِ


القضيّة الرّابعة


هل يفيد القياس التصديق


والرَّابِعُ القِيَاسُ هَلْ يُفَـــــــــــادُ     بِهِ الدَّلِيلُ إِذْ هُوَ المُــــــــــــــــرَادُ


مَعَ جَزْمِنَا بِصِدْقِهِ وصِحَّتـِـــــهِ     وضَبْطِ مَتْنِهِ وحُسْنِ صَنْعَتـِــــــــهِ


والحَقُّ وَاضِحٌ فَمَنْ أَهَـــــــــــلَّ     قِيَاسَ حُكْمٍ قَبْلَهُ اِسْتـَــــــــــــــــدَلَّ


إذِ الدَّلِيلُ كُلُّ مَا يَسْتَلْــــــــــــزِمُ     مَدْلُولَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ يُفْهَــــــــــــــــــمُ


ولَيْسَ فِي القِيَاسِ غَيْرُ الشَّكْـــلِ     وغَايَةُ المَقَامِ حُسْنُ الـــــــــــــقَوْلِ


مَعَ كَثْرَةِ الكَلاَمِ و التَعْليِــــــــــلِ     كَذَا اِخْتِيَارُ المَسْلَكِ الطَوِيــــــــــلِ


ثُمَّ حُصُولُ العَيِّ و الإتْعَــــــابِ     وَفَتْحُ بَابِ الشَّكِ بِالإِطْنـَـــــــــــابِ


فَكَثُرَتْ بِذَلِكَ الأَخْطـَـــــــــــــاءُ     وَضَلَّتِ الأَحْكَــــــــــــــامُ والآرَاءُ


وكُلُّ مَطْلَبٍ بِهِ يـُــــــــــــــــرَامُ     فَبِطَرِيقِ غَيْرِهِ يُقَــــــــــــــــــــــامُ


والعَارِفُ الذَّكِيُ مَا أَفـَـــــــــــادَ     مِنْهُ ولاَ الغَبِيُّ ذُو البَــــــــــــــلاَدَة


وقَدْ يُرَادُ بَعْدُ فِي الرِّيَاضَـــــــة      وفِي القُرْآن عَنْهُ مَا أَعَـــــــــاضَ


فَاسْلُكْ إِذَا مَا قُمْتَ لِلبُرْهـَــــــانِ     مَسَالِكَ الحَدِيثِ و القُـــــــــــــرْآنِ


فَفِيهِمَا الهُدَى لِمَـــــــــــــنْ أَرَادَ     طَرِيقَةَ النَّجَاةِ وَالسَّعـَـــــــــــــــادَة


والحَمْدُ لِلهِ وَصَـــــــــــــــلّى اللهُ    عَلَى نَبِيِّنَا وَمـَـــــــــــــــــــنْ وَالاَهُ


والصَّحْبِ والأَهْلِينَ والأَتْبَــــاعِ     وَسَائِرَ الأَنْصَارِ وَالأَشْيـَـــــــــــاعِ


كَذَا السَّلامُ بَالِغَ القـُـــــــــــــرَّاءِ     فِي سَائِرِ البُلْدَانِ والأَرْجَــــــــــاءِ

المشاركات الشائعة