بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الحاجة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أما بعد:

طريق السّعادة ودروب الزّهادة

7- طريق السّعادة
ودروب الزّهادة
 

خَطْبٌ أَصَـــابَ النَّفْسَ بِالأَسْحَــــارِ  
   مِنْ غَيْـــرِ إِذْنٍ قَدْ أَلَــــمَّ بِـــدَارِي
فَطَلَبْتُ فِيـــهِ هِدَايَـــةً لِخَوَاطِــــرِي   
  وَلَعَلَّ بَعْضَ الغَـــوْثِ فِي الأَفْكَـارِ
وَرَضَيْتُ أَحْكَـــامَ السُّهَادِ وَسَرَّنِــي  
   تَقْيِيدُ مَــــا أَمْلَتْ مِــــنَ الأَخْبَـــارِ
أَفْضَتْ إِلَيَّ بِأَنَّ سَعْيَكَ فِــي الّـــذِي  
   تَبْغِيهِ مِنْ دُنْيَــــاكَ لَيْــــلَ نَهَــــارِ
لاَ يُبْلِغَنَّكَ مِـنْ مُقَــــامٍ غَيْــــر مَـــا    
تَخْشَــاهُ مِنْ نَصَبٍ بِغَيْــرِ قَــــرَارِ
فَــأَرِحْ فُؤَادَكَ لَسْتَ تَكْسِـبُ عَزْمَـةً  
   كَسْبَ الرَّضِــيِّ بِحِكْمَــةِ الأَقْــدَارِ
وَانْظُرْ إِلَى مَا رُمْتَ تَعْـرِفُ أَنَّــــــهُ 
    خَسُّ المَقَـــامِ وَسَــــافِلُ المِقْــدَارِ
وَمَحَاسِنٌ تُخْفِــــي بِظِلِّ جَمَالِهَـــــا   
  آهَـــاتَ وَيْـــلٍ أَوْ نَذِيـــرَ بَـــــوَارِ
لاَ يَسْتَقِرُّ بِهَــــا الوَفَــــاءُ لِصَبِّهَــا  
   إِلاَّ كَمَــــا يَقَرُ الغَدِيــــرُ الخَــارِي
وَطَرِيقُهَــــا عَجَّتْ بِكُــلِّ فُوَيْسِـــقٍ   
  أَنِسَــتْ لِمِشْيَتِــهِ سَبِيــــلُ العَــــارِ
أَتُرَاكَ تَرْضَى أَنْ تُسَابِقَ عَاجِــــزًا 
    دُونَ الهِزَبْرِ الفَارِسِ المِغْـــــــوَارِ
وَتُصَاحِبَ الأَقْزَامَ فِي عَرَصَاتِهَـــا   
  وَتَسِيرَ فِي مَسْـرَى بَنِـــي الفُجَّــارِ
وَتَهِيمَ فِــي كُلِّ الفِجَـــاجِ وَحَيْثُمَــا   
  يَمَّمْتَ غَـــابَ القَصْـــدُ بِالأَطْمَــارِ
كَمْ تَبْتَغِي بَحْــرَ السَّرَابِ وَتَرْتَجِـي  
   مَــــاءَ العُيُــــونِ مَسِيلَــةً بِقِفَــــارِ
أَسَرَتْكَ يَـــــا هَذَا مُدَامُ وُعُودِهَــــا  
   أَسْــــرَ النَّبِيذِ بِحَــــانَةِ الخَمَّــــــارِ
هَمَّتْكَ دُونَ مَطَامِعِ الأَنْفَــاسِ فِــي  
   بَحْـــرِ الهُمُــومِ وَبِرْكَـــةِ الأَكْــدَارِ
عُلِّقْتَهَا عَرَضًــا فَصَــارَتْ مَقْصِـدًا  
   فَوْقَ الحُظُوظِ وَحَــــاجَةِ الأَوْتَــارِ
أَكْبَرْتَهَـــا وَسَعَيْتَ فِي تَعْظِيمِ مَــــا  
   حَكَــمَ العَلِيــمُ لَـــهُ بِكُــلِّ صَغَــــارِ
وَلَقَدْ جَرَى فِيهَا اللِّعَانُ مِنَ الّـــذِي   
  لَبِسَــتْ بِحُكْمِـــهِ سَــابِغَ الأَعْيَــارِ
بَلْ كَـــمْ طَلَبْتَ الوَشْلَ مِنْ آلاَئِهَــــا   
  مُتَوَسِّـــــلاً بِالدِّيــــنِ وَالأَعْمَــــارِ
أَتَبِيعُ رَأْسَ المَـــالِ تَبْغِـــي مَغْنَمًــا  
   يَا خَيْبَةً لَكَ فِـــي قَضَــا التُّجــــارِ
وَأَجَـلُّ جُـــرْمٍ قَدْ أَصَـــابَكَ أَنَّهَــــــا   
  حَالَتْ رُبَاهَـــا دُونَ كُـــلِّ مَــــزَارِ
وَمَرَاكِبُ الأَخْيَـــارِ أَمَّتْ غَيْرَهَــــــا  
   فَرأَى بَنُوهَـــــا أَشْـــرَقَ الأَنْــوَارِ
تَرَكُوكَ تَسْعَى فِي حَقِيرٍ لَمْ يَـــــزَلْ  
   مُتَمَنِّعًـــــا يَأْبَــــاكَ بِالإِصْـــــــرَارِ
مَقَتُوا مِنَ الدُّنْيَـــا شَرَاكَـــةَ أَهْلِهَــا 
    مِنْ كُلِّ نَذْلٍ فِي الوَغَــــى خَـــوَّارِ
وَتَزَهَّـــدُوا لَمَّـــــا رَأَوْا أَرْبَابَهَــــــا   
  تَشْرِي الحَقِيــرَ بِــأَثْمَنِ الأَسْعَــارِ
وَجَرُوا بِدَرْبٍ فِيـــهِ كُــلُّ مَسَـــــرَّةٍ   
  دَرْبُ الكَرِيــــمِ القَــــاهِرِ الجَبَّـــارِ
لاَ يَرْجِعُونَ عَنِ الَّذِي رَامُوا فَمَــــا 
    عَقَـــدُوا بِلَيْــــلٍ أَنْفَـــذُوا بِنَهَــــارِ
زَهَدُوا ابْتِدَاءً فِي الحَـــرَامِ فَخَلَّفُـوا 
    مَــــا أَنْكَرَ الرَّحْمَــــانُ بِالأَدْبَــــارِ
وَلَقَدْ أَجَـــازُوا مَنْــزِلَ المَكْــرُوهِ لاَ 
    يَبْغُونَـــهُ شُغُـــلاً عَــــنِ الإنْفَـــارِ
مَرُّوا عَلَى وَادِي المُبَــاحِ فَهَمْلَجُوا 
    وَالعِيرُ لَــمْ تَــأْنَسْ بِذِي الأَكْــوَارِ
حَتَّـــى أَتــوا حَدَّ الدُّنَــا فَبَدَا لَهُــــمْ   
  تَغْرِيبَهَا عَــــنْ رَوْضَةِ الأَمْصَــارِ
أَعْنِي القُلُوبَ فَتِلْكَ أَجْمَلُ رَوْضَـــةٍ   
  فِي مَرْجِ حُسْنٍ نَاضِرِ الأَزْهَــــارِ
ثُمَّ اعْتَدوا لِلنَّفْسِ فِــــي أَغْوَارِهَـــا   
  فَغَــدَتْ مُسَعَّـــرَةً بِشُعْلَـــةِ نَــــارِ
نُبِذَتْ إِلى قَعْرِ الحَفِيــرِ وَجَــــاوَزُوا   
  شَهَوَاتِهَـــا فِي عِـــزَّةِ الأَحْـــرَارِ
نَزَلُوا بِسُـــوقِ مَكَـــاسِبٍ مَعْلُومَــةٍ 
    مَضْمُونَــةٍ مُنِعَتْ عَـــنِ الأَخْطَـارِ
بَاعُوا بِهَا الأَنْفَاسَ قَصْدَ شِرَائِهَـــا    
وَغَدَوْا بِسِلْعَتِهِــمْ مَــعَ الأَسْعَـــارِ
أَرْضوا بِمَا بَذَلُوا مَلِيكًــا قَدْ قَضَــى   
  بِالجُــودِ يَحْمِلُهُمْ عَلَـــى الإِكْثَـــارِ
وَاسْتَقْبَلُــوا دَارَ العُــــلاَ فَتَطَــاوَلَتْ 
    أَعْنَاقُهُـــمْ فِـــــي ذَلِكَ المِضْمَـــارِ
يَحْدُوا بِهِمْ حَادِي الجَمَـــالِ وَمِثْلُــهُ  
   حَــادِي الكَمَــالِ وَمُنْشِدُ الأَخْيَــارِ
قَـدْ أَدْرَكُــوا دَارَ الخُلُــودِ فَأُسْكِنُــوا   
  دَرَجاَتِهَـــــا بِتَفَاضُــــلِ المِقْـــدَارِ
فَــأَقلَّهُمُ شَأْنًــــا بِهَــــا مَـنْ غَرَّبُـوا 
    وَقُلُوبُهُــــمْ تَهْـــــــــوِي لأَوَّلِ دَارِ
ثُـــمَّ الّذِيـــنَ تَألّمُوا فِــــي سَعْيِهِــمْ  
   لَكِنَّهُـمْ صَبِرُوا عَلَــى الأضْــــرَارِ
وَخِيَـــارُهُمْ فَهُمُ الّذِيـــنَ تَنَعَّمُـــــوا   
  وَتَشَوَّقُــــوا لِمَنَــــازِلِ الأَبْـــــرَارِ
هَــذَا وَسَبْقُهُــــمُ بِقَــدْرِ مَتَاعِهِـــــمْ  
   فَأَخَفُّهُـــمْ قَدْ جَـــازَ كُـــلَّ غُبَــــارِ
وَكَذَاكَ سَبْـــقٌ قَدْرَ زَادِهِـــمُ بِهَـــــا   
  فَــــالزَّادُ يُبْلِـغُ غَــــايَةَ الأَسْفَــــارِ
زَادُ التُّقَى وَفَضَائِلِ الأَعْمَالِ مَــــــعْ 
    صِدْقِ النِّيَــــاتِ وَمَنْسَكِ الأَحْبَــارِ
وَالخَــوْفِ مِنْ مَلِكِ المُلُوكِ وَحُبِّـــهِ   
  وَرَجَـــــاءِهِ بِالعَيْــــنِ وَالإسْـــرَارِ
هَذَا وَرَبّــــِكَ دَرْبُ كُــــلِّ مُوَحِّــــــدٍ  
   مَــدَّ الأَعِنَّـــةَ لَيْـــسَ بِالكَـــــــرَّارِ
فَــأَعِدَّ رحْلَكَ لِلخُـــرُوجِ سِيَاحَـــــةً   
  وَزَهَـــادَةً فِـــي الدَّارِ بَعْدَ الجَـــارِ
 
 
 
 
 

المشاركات الشائعة