بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الحاجة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أما بعد:

فضل العلم

26- فضل العلم([1])


 
تُعَاتِبُنِي الكَرِيمَـــةُ كُـــلَّ حِيـــــــنٍ 
    وَتُرْشِدُنِي إلَى طَلَبِ المَعَـــــــالِي
تُذَكِّـرُنِــــي بِـأيَــــامٍ خــــــــــــوالٍ  
   وَسَــــابِقَـةِ التَّعَـــلُّـمِ وَالفِعَــــــالِ
وَوَقْـــتٍ كُنْـــتُ أَحْفَظُـــهُ لِعِلْــــــمٍ    
فَعَـــادَ اليَـــوْمَ يُصْــرَفُ لِلثَّفَـــالِ
وَتَطْمَعُ أَنْ أَمِيدَ عَـــنِ القَوَافِـــــي 
    فَـأُرْجِيهَــــا وَأَعْمَــــدُ للمِطَــــالِ
أُسَوِّفُهَــا وَفِــي النَّفْسِ اشْتِغَالِـــي     
وَأُخْلِفُهَــــا وَأَرْكَــــنُ للرِّحَـــــالِ
وَأُخْـــرَى كَـــمْ تُأَمِّلُنِــي وَتَرْجُــــو  
   بِبَاِبَـــي مِـــنْ عَلامَـــاتِ الكَمَـالِ
وَتَحْسِبُنِي مِـــنَ المُوفيــنَ عِلْمًـــا    
فَتَسْأَلُنِــي وَتُغْرِبُ فِــي السُّـؤَالِ
أَلاَ يَا عَاتِبِي فِي العِلْــــمِ هَــــــــلاّ   
  نَظَـــرْتَ لِحَالِنَــا قَبْــلَ الجِــــدَالِ
فَتُنْبِئُكَ الفِعَـــــالُ نَـــذِيرَ شُــــــؤْمٍ 
    وَتُغْنِي العَيْنُ عَنْ هَــدْرِ المَقَــالِ
فَنُورُ العِلْمِ يَظْهَــرُ حِينَ يَسْــــرِي 
    بِوَجْهِ المَرْءِ مِنْ مُلَـــحِ الجَمَـالِ
وَلَــــوْنُ الجَهْــلِ أَقْبَــحُ مَا تَـــرَاهُ   
  مِنَ الظّلْمَـاءِ فِي سُـــودِ اللَّيَالِـي
أَلا وَاللهِ مَــــــا بَخِلَــتْ يَمِينِــــــي  
   وَلاَ ضَنَّتْ عَلَيْــــكَ مِنَ النَّــــوَالِ
وَلاَ اسْتَهْوَيْتُ فِيمَــــا نِلْتُ شُحَّــا  
   وَلا قَـــدْ خِفَتُ عَاقِبَــــةَ المَــــآلِ
وَلا أَنْكَــــرْتُ عِلْمًـا كُنْتُ أُخْفِـــي     
عَلَيْــــكَ وَلا تَوَاضُعُهَــا بَـدَا لِــي
وَلَكِنِّي عَرفْـــتُ مَقَـــامَ نَفْسِـــــي    
فَلَمْ أَنْظُرْ إِلَــى سُـــدَدِ المَعَالِـــي
وَلَمْ أَطْلُبْ مَكَانًــــــا لَيْسَ يَرْقَـــى    
إِلَيْهِ سِوَى الّذِي سَهِــرَ اللَّيَالِــي
مَقَامُ العِلْمِ يَا ذَا الفَضْـــلِ أَسْمَـــى  
   مِنَ الدُّرِيِّ يَلْمَعُ فِــــي العَلالِــي
وَشَـأْنُ الجَهْـــلِ أَقْبَحُ مَـا تَـــــرَاهُ   
  بِعَبْدٍ حِينَ تَنْظُـرُ فِـــي الرِّجَـــالِ
فَفَضْلُ العَالِمِينَ عَلَـى سِوَاهُــــــمْ  
   كَفَضْـلِ الأَنْبِيَـاءِ عَلَــى الثّفَـــالِ
وَمِيــــرَاثُ النُّبُـــوَّةِ مِنْـهُ نَالُـــــوا  
   وَقَدْ سَبَقُوا إِلَى حُسْــنِ النَّــوَالِ
وَإِنَّ الحُوتَ فِي الأَعْمَاقِ صَلَّـــتْ    
لِطَــالِبِ حِكْمَةٍ حَسَــنِ الخِــلالِ
وَحَفَّتْـُــه المَلائِكَــــــةُ احْتِفَــــــاءً 
    بِمَا قَدْ حَـازَ مِـنْ شُعَبِ الكَمَــالِ
وَنَــصٌّ فِـــي كِتَابِ اللهِ أَفْضَـــــى   
  لِفَضْلِهِــمُ فَـأَبْلَـغَ فِــــي المَقَــالِ
أَتَــــاكَ بِأَنَّ أَهْلَ العِلْمِ أَوْلَـــــــــى    
بِخَــوْفِ اللهِ رَبِـي ذِي الجـَـــلالِ
وَمَا طَلَبَ العَلِيمُ مَزِيـــدَ شَـــــيْءٍ  
   كَمِثْـلِ العِلْــمِ مِــنْ وَلَـــدٍ وَمَــالِ
وَمَا سَاوَى المُهَيْمِنُ حِلْسَ جَهْـلٍ  
   بِأَهْـــلِ العِلْــمِ فَافْهَـــمْ للمِثَــــالِ
وَفِي الدَّرَجَــاتِ رِفْعَتُهُمْ يَقِينًــــــا    
كَرِفْعَـــةِ شَمْسِهَــا أَوْ كَالهِـــلالِ
وَمَنْ يُــرِدِ الإلَهُ لَـــهُ اخْتِيَــــــارًا    
يُفَقِّهْــهُ الحَــرَامَ مِــــنَ الحَــلالِ
وَفِـــي العِلْمِ التَّحَاسُدُ دُونَ دُنْيَــا   
  مُنَمَّقَــــــةٍ تَـــلأْلأُ كَالــــــــــزُّلالِ
وَمَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ يُرِيدُ عِلْمًــــا  
   فَذَا يَبْغِـي الجِنَــانَ بِكُــلِّ حَـــــالِ
وَمَنْ أَفْضَى بِعِلْمٍ نَـــالَ كِفْـــــــلاً 
    مِنَ الأعْمَالِ عَكْسَ ذَوِي الضَّلالِ
وَإِنْ مَاتَ الّذِي قَدْ خَطَّ عِلْمًـــــــا   
  فَأَجْــرُهُ لَيْـــسَ يَتْبَـــعُ للــــزَّوَالِ
وَقَدْ لَعَنَ الدَّنِيَـــةَ خَيْــرُ خَلْـــــقٍ  
   وَأَعْلَمُهَـــــا بِعَاقِبَــــــــةِ الفِعَـــالِ
سِوَى ذِكْــرِ الالهِ وَمَـــا تَوَلَّــــى   
  وَعَالِمِهَا وَطَـــالِبِ ذِي الخِصَــالِ
وَمَا قُبْضُ العُلُومِ يَكُونُ نَزْعًـــــا    
وَلَكِنْ قَبْضُ ذِي الهِمَـــمِ الطـوَالِ
وَيُسْتَفْتَى الجَهُولُ عَنِ الدَّوَاهِـي  
   فَيُفْتِـي ذُو الجَهَالَــــةِ بِالضَّــــلاَلِ
فَإِنْ رُمْتَ المَكَارِمَ يَابْنَ أُخْتِــي 
    فَخَـــلِّ الـــدَّارَ وَانْفِـــرْ للوِصَــالِ
وَهَاجِرْ صَوْبَ عَاصِمَةِ المَعَالِـي  
   وَدَارِ العِلْـــمِ مَفْخَـــرَةِ الرِّجَــــالِ
فَفِيهَـــا قَدْ تَنَـــزَّلَ كُــــلُّ عِلْـــــمٍ   
  أَتَـــاكَ بِغَيْـــرِ سَعْــيٍ أَوْ سُـــؤَالِ
وَفِيهَــا قَدْ تَجَمَّـــعَ كُـــلُّ خَيْـــــرٍ   
  فَسَــــابِقْ لِلإفَــــادَةِ وَالنَّــــــوَالِ
وَبَادِرْ بِالمَسِيرِ فَسَــوْفَ تَجْنِــي    
لآلـــئَ مِـــنْ عُلُـــومٍ أَوْ ِخصَــالِ
دِيَارُ المُصْلِحِينَ فَكَيْـــفَ تَغْـــدُو  
   مَـــــزَارًا للرّذيلــــة وَالسَّفَــــالِ
وَعَاصِمَةً لِبَغْيِ العُــــرْبِ يَوْمًــا    
وَجَـــامِعَةً لأبْنَــــاءِ الضَّــــــــلالِ
فَيَــــا أَهْلَ الثَّقَـــافَةِ حُقَّ فِيكُــــمْ    
بِــدَارِ العِلْـــمِ ضَـــرْبٌ بِالنِّعَــــالِ
وَخِزْيٌ حَيْثُ سِرْتُمْ أَوْ رَكِبْتُـــــمْ    
وَذُلٌّ مَــــا طَلَبْتُـــمْ لِلْعَوَالِـــــــــي
فلا أَهْـــلا نَزَلْتُــمْ مِـــنْ بِـــلادِي 
    وَلا سَهْــــلا بِأَرْبَــــابِ الشِّمَـــالِ
فَعُودُوا حَيْثُ كُنْتُـــمْ لا جُزِيتُـــمْ    
بِهَـــا غَيْـــرَ الأسِنَـــةِ وَالنِّبَـــــالِ










([1]) قصيدة ألقيتها بمناسبة الدورة العلمية بالحي الجامعي " زواغي سليمان  " – قسنطينة – في رجب سنة 1436ه ووافقت عاصمة الثقافة العربية ببلدة العلم والعلماء ، فالله المستعان

المشاركات الشائعة