بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الحاجة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أما بعد:

نعمة العقل

8- نعمة العقل


ذَهَبَ الصِّبَى وَدَهَاكَ فِي أَعْقَـــابِــهِ  
   شَيْبٌ يُذَكِّرُ مَـــنْ لَهَـــى بِحِسَابِــــهِ
وَتَسَارَع َالعُمْــــرُ الّـــذِي أُلْبِسْتَــــهُ    
حَتَّى أَشَاخَ المَتْــنُ قَبْـــلَ شَبَابِـــــهِ
وَمَضَى الّذِي دَاوَمْتَ تَحْسَبُ أَنَّـــــهُ  
   بَابُ الخُلُودِ وَجَاءَ يَـــوْمُ خَرَابِـــــهِ
وَأَرَاكَ تُحْسِنُ أَنْ تَقُولَ بِغَيْـــرِ مَـــا  
   كَسَبَتْ يَدَاكَ تُرِيــدُ حُسْنَ ثَوَابِــــــهِ
لِلهِ يَـــا فَرِحًـــــا بِغَيْــــرِ خَلاقِـــــــهِ   
  هَـــلاَّ دَخَلْـتَ البَيْتَ مِــنْ أَبْوَابِـــــهِ
لَيْـسَ التَّعَقّـــلُ أَنْ تَقُــــولَ مُدَاهِنًــا  
   أَوْ أَنْ تُمَارِي الظُلْمَ فِــي جِلْبَابِـــــهِ
كَـــلاّ وَلا بَـــذْلُ النّفَــــاقِ لِفَاِســــقٍ    
طَمَعًــا بِخيْــرٍ حَــلَّ عِنْدَ جَنَابِـــــــهِ
وَفَصِيحُ قَوْلٍ لَيْــسَ فِـــي إِبْلاغِــــهِ  
   غَيْرُ المَكَـــائِدِ أُضْمِـرَتْ بِنِصَابِـــــهِ
أَبَدًا وَلا لُبْسُ الجَمِيـلِ لِمَـــنْ خَفــي   
  سُوءُ الخَلاقِ السَمْجِ تَحْتَ ثِيَابِــــهِ
حُكْمُ العُقُولِ يَكُفّ أَرْبَـــابَ النّهَــــى    
عَمّا نَهَى الرّحْمَانُ خَوْفَ عِقَابِـــــهِ
وَيَحُضُّ للتَّقْــوَى وَيُنْـــذِرُ بِالّـــــذِي   
  أَوْعَاهُ مَوْلَـــى الخَلْـقِ آيَ كِتَابِـــــهِ
وَيُبَشّرُ السّـاعِينَ خَيْـــرًا يُرْتَجَــــى 
    يَوْمَ المَعَـــادِ الحَقّ مِـــنْ وَهّابِـــــهِ
وَيَرُدّ سُلْطَانَ الهَــــوَى إِنْ لَمْ يَكُـنْ    
سَتَرَ الفُؤَادَ عَنِ الهَـوَى بِحِجَابِــــهِ
إِنّ القُلُــــوَبَ إِذَا تَجَرّعَتِ الهَـــوَى    
طُمِسَتْ بِرَانِهِ وَاكْتَــوَتْ بِشِهَابِــــهِ
يَا زَاعِمًا لِلْعَقْلِ هَــــلْ أَوْدَعْتَــــــــهُ  
   عِلْمًا يَصُونُ الفَهْـمَ عَنْ أَعْطَابِـــــهِ
مَا جَاهلٌ عَقَلَ الحَيَـــاةَ وَلاَ وَعَـــى 
    عَيْنًا تُمَيِــزُ المَـــاءَ دُونَ سَرَابِـــــهِ
فَإِذَا سَعَى لِلْعِلِمِ أَصْحَـــابُ النّهَــــى 
    طَلَبُوا الكَمَـالَ فَكَــانَ فِي أَرْبَابِـــــهِ
فَالعَقْلُ فِي الإِنْسَـانِ مِيـــرَاثٌ كَــــذَا  
   خُلُـــقٌ يُنَــالُ وَيُرْتَجَـــى بِكِتَابِـــــهِ
وَغِرَاسُهُ المَوْرُوثُ يَسْقِيــهِ الفَتَــى   
  حِكَمًـــا فَيَجْنِي الحُلْوَ مِنْ آطَابِــــهِ
وَتَدَبّرُ الآفَـاقِ يَحْسُـــنُ إِنْ غَـــــدَى   
  يَبْغِـــي غِــــذَاءً سَاِئغــــاً لِلُبَابِـــــهِ
وَقِرَاءَةُ الآثَـــارِ كَنْــــزٌ يُرْتَضَـــــى  
   كَسْبًـــا لِمَنْ رَامَ العُـــلاَ بِطِلاَبِــــــهِ
وَمَجَالِسُ الأَشْيَــــاخِ إِنْ أَدْرَكْتَهَــــا 
    تُحْذِيكَ بَعْــدَ العِلْــمِ مِــــنْ آدَابِـــــهِ
وَصَحَابَةُ الأَكْفَـاءِ تَحْفَـــظُ بِالفَتَــــى 
    شَرَفًا وَعَاهُ الحُــــرُّ مِنْ أَسْبَابِـــــهِ
وَصَحَابَةُ النَّوْكَـــى كَمَجْذُومٍ غَــدَى  
   يُحْذِيكَ فِي سَكَــنِ البِنَا وَرِحَابِـــــهِ
فَمَتَى رَكَنْتَ لأحْمَـــقٍ يَوْمًــا فَقَــــدْ   
  يُعْدِيـــكَ طَبْعُـهُ أَوْ تُنَــــالُ بِنَابِــــــهِ
وَعَــدَاوَةُ الأَخْيَـــارِ خُسْـرَانٌ بِــــلا    
كَسْبٍ يَــرَاهُ العَبْدُ فِــــي أَعْقَابِــــــهِ
وَعَــدَاوَةُ الحَمْقَـــى تُقَرّبُــكَ البِلَــى  
    وَتُعِيدُ رَسْــمَ السّـــوءِ بَعْدَ ذَهَابِــــهِ
كَالعِيرِ تَطْرُقُ فِـي مَسِيرَتِهَـا القَذَى   
  تَشْرِي بِوَطْءِ الخَبْثِ وَهْجَ ذُبَابِـــــهِ
وَاحْفَظْ لِسَانَكَ أَن يَجُـــرّكَ وَالِهًــــا  
   لِمُقَـامِ مَــن نَهَشَ الكِـــرَامَ بِنَابِـــــهِ
وَتَوَاضَعَنْ كَتَوَاضِـــــعِ الأَبْـــرَارِ لاَ    
تَرْكُـــضْ كَبِرْذَوْنٍ عَلا بِنِصَابِــــــهِ
وَادْفَعْ بَرِيقَ المَدْحِ فِي وَجْهِ الّــذِي  
   يَبْغِي التَّمَلُّقَ مِنْ جَمِيــلِ خِطَابِـــــهِ
وَاحْذَرْ عَلَيْكَ العُجْبَ أَنْ يُرْدِيكَ مَــا   
  جَرَّعْــتَ ذَاكَ القَلْـبَ مِنْ أَكْوَابِـــــهِ
وَتَحَبّبَنْ لِلنّـــاسِ تَسْلَمُ إِنْ غَـــــدَى 
    يَــــوْمٌ يُحِيلُ المَــرْءَ دُونَ قِرَابِـــــهِ
دَارِ المُلُـــوكَ وَمَنْ حَلَلْتَ بِـــــدَارِهِ    
وَدَعِ المِرَاءَ فَـــلا تُسَمْ بِخِضَابِـــــهِ
بَذْلُ السّلامِ كَذَا البَشَاشَـــةُ لِلْــوَرَى   
  تُغْـرِي العَدُوّ ، تُلِينُ حَشْوَ إِهَابِـــــهِ
وَذَرِ الُمِزَاحَ وَلا تَكُـن مِمّنْ غَـــوَى  
   تَسْلَــمْ وَإِنْ تَفْعَــــلْ فَــذَرْهُ لِغابِـــــهِ
وَاصْدُقْ كَلامَكَ لا يَغُـــرَّكَ كَـــــاذِبٌ   
  نَـالَ الرِّضَى وَأَفَــــادَ مِـنْ آرَابِـــــهِ
وَدَعِ القَبِيحَ مِـــنَ الحَدِيـثِ فَإِنَّـــــهُ   
  سَبَبُ الرَّدَى فِي غَيِّــهِ وَصَوَابِـــــهِ
وَاسْمَعْ كَـــلامَ النَّاصِحِينَ وَلاَ تَكُـنْ   
  مِمَّنْ عَــلا بِالظُّلْمِ عَـنْ أَضْرَابِـــــهِ
وَتَجَنَّبِ الجَدَلَ العَقِيمَ مَتَــى جَـــرَى 
    وَانْزَعْ فَتِيلَ الخُلْفِ مِنْ أَصْلابِـــــهِ
وَقُلِ الجَمِيلَ مِنَ المَقَـالِ وَلَـوْ بَغَــى  
   فِيــــكَ الغَــــوِيُّ بِذَمِّــهِ وَسِبَابِــــهِ
وَتَـوَقَّ مِــنْ غَـــدْرِ العَدُوِّ وَإِنْ بَــدَا  
   مِنْهُ انْتِحَـــالُ السِّلْمِ فِــي أَثْوَابِــــهِ
فَلَعَلَّ حُسْـنَ الظَّـنِّ أَنْ يُرْدِيـكَ فِـــي  
   مَرْمَى اللّئِيمِ مَتَى رَمَـى بِنِشَابِـــــهِ
وَاسْتَغْنِ عَنْ دُنْيَـــا المُلُـوكِ فَإِنَّهَــا  
   شَـــــرَكٌ يُدَبَّــــرُ لِلْفَتَــى بِغِيَابِـــــهِ
لَمْ يَنْجُ مِـــنْ أَحْبَـــالِهِ أَحَـدٌ سِـــوَى  
   عَبْــــدٍ حَبَــــاهُ اللهُ فِــــي أَتْرَابِـــــهِ
وَاثْبُتْ بِإخْلاَصِ عَلَى عَمَلِ التُّقَـــى   
  يَكْفِيـكَ عِنْــدَ اللهِ سُـــوءَ عَذَابِـــــهِ
وَدَعِ الرِّيَـاءَ فَشَـــرُّ جَائِحَـــةٍ بِهَـــا   
  يُخْزَى عَظِيمُ الفِعْلِ يَوْمَ حِسَابِـــــهِ
أَبُنِــيَّ إِنِّـــي قَـدْ خَطَبْـتُ فَرَاعِنِـــي   
  وَاسْمَعْ لِعَبْدٍ أنْـتَ بَعْــضُ تُرَابِـــــهِ
إِنِّـي أَرَاكَ وُهِبْتَ مِنْ بَيْنِ الـــوَرَى  
   عَقْلاً يَمِيزُ النَّجْـمَ فَـــوْقَ سَحَابِــــهِ
فَاحْفَظْ رَعَـاكَ اللهُ مِنَّةَ مَــنْ هَـــدَى    
 وَاعْمَلْ بِمَـا أَوْلاكَ فِـي إِرْضَائِـــــهِ
وَاحْذَرْ عَلَيْكَ مَصَــائِدًا قَــدْ غُيِّبَــتْ    
 فِـــي كُلِّ بَحْــرٍ زَخْــرِهِ وَعُبَابِـــــهِ
فَإِذَا فَعَلْتَ عُدِدْتَّ مِـــنْ أَهْلِ التُّقَــى  
   وَكَذَا الحِجَا قَدْ بِتَّ مِنْ أَصْحَابِـــــهِ
وَلَعَـــلَّ مِثْلَكَ إِنْ نَجَـــا فِيمَنْ نَجَـــا  
   أَنْ يَمْشِيَ الأخْيَـارُ فِـــي أَعْقَابِـــــهِ




المشاركات الشائعة