بسم الله الرحمن الرحيم

خطبة الحاجة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أما بعد:

مناجاة

1- مناجاة([1])

يَا مُنْشِئَ الرَّوْضِ البَدِيـــعِ وَمُرْسِـلاً

لِلمَاءِ مِــنْ مُـــزَنِ السَّمَـــا إِرْسَــالاَ

وَمُكَوِّرَ الشَّمْــسِ التِـــي قَدْ أَلْبَسَــتْ    
 وَجْــهَ الفَضَـــاءِ بِنُورِهَـــا سِرْبَـــالاَ
وَمُجَمِّـــلَ اللَّيْــلِ الكَئِيـــبِ بِنَجْمِـــهِ     
مُتَـــلألئًا يُحْـــذِي النَّهَــــارَ جَمَــــالاَ
وَمُصَوِّرَ البَـــدْرِ المُمِـــدَّ بِحُسْنِـــــهِ   
  شُعَــــبَ الظَّــــلاَمِ تَفَاخُــــرًا وَدَلالاَ
أَنْتَ الّــذِي خَتَــمَ الغَدِيـــرَ بِنَظْـــرَةٍ   
  وَالبَحْـــرُ يَكْتُــمُ سِحْـــرُهُ الأَهـْــوَالاَ
أَنْتَ الّذِي صَبَغَ المُــــرُوجَ بِرَوْنَــقٍ  
   يَحْثُـــو المَفَــــاتِنَ يَمْنَـــةً وَشِمَــــالاَ
أَنْتَ الّذِي وَهَبَ الجِبَــــالَ قوَامَهَــــا   
  وَأَزَالَ بَأْسُكَ حِيـــنَ رُمْـــتَ جِبَــالاَ
نَبْعُ الجَمَــالِ فَعَنْ مُـــرَادِكَ سَاطِــعٌ 
    وَالخَلْــقُ تَسْتَسْقِـــي البَهَـــاءَ نِهَـــالاَ
رَبِّي الّذِي يَهْدِي النُّفُوسَ رَشَادَهَــــا  
   يَنْفِي الشُّـــرُورَ وَيُصْلِــحُ الأَحْــوَالاَ
هَـــادِي الخَـــلاَئِقَ وَالمُمِــدَّ بِنُـــورِهِ   
  تِيــهَ الحَيَــارَى بِالرَّشَـــادِ وِصَـــالاَ
وَمُعَلِّــمَ الوَحْــشِ البَهِيــمِ صَلاَحَـــهُ   
  تَـــأْوِي الضَّعِيفَ وَتَحْفَـظُ الأَطْفَــالاَ
يَا مَــنْ تَفَـــرَّدَ بِالكَمَـــالِ وَقَدْ خَـــلاَ    
 مِـــنْ كُـــلِّ نَقْـــصٍ جَــدُّهُّ وَتَعَـــالَى
أَنْـتَ الجَــوَادُ بِكُـــلِّ غَيْـــثٍ عَــارِمٍ   
  تُجْـــرِي العَطَـــاءَ وَتُغْـدِقُ الأَنْفَــالاَ
وَتُقَسِّــــمُ الأَرْزَاقَ بَيْــــنَ الخَلْــقِ لاَ  
   لِلْقَــــدْرِ تَبْخَـــسُ أَوْ تَظِـــنُّ نَـــوَالاَ
فَلَطَالَمَـــا عُـــدْتَ المَرِيضَ بِرَحْمَــةٍ   
  وَلَطَالَمَــــا سُقِــــيَ العِطَــاشُ زُلاَلاَ
أَكْرَمْـــتَ بِالمَـــالِ الغَنِـــيَّ وَمِثلَــــهُ  
   بِالصَّبْرِ أَسْبَغْـــتَ الفَقِيـــرَ خِصَــالاَ
أَنْـتَ العَلِيــمُ وَكُــلُّ خَلْقِــكَ شَاهِـــــدٌ  
   لِبَدِيــعِ صُنْعِـــكَ دُونَ قِيـــلَ وَقَـــالاَ
أَنْتَ الخَبِيرُ وَكُـــلُّ أَمْـــرِكَ عَـــادِلٌ  
   قِسْطُ الحَكِيمِ فَمَـــنْ يُطِيـــقُ سُـــؤَالاَ
مَـــنْ رَامَ غَيْرَكَ لِلقَضَـــاءِ بِحِيلَـــةٍ   
  فَـــلأَنْتَ أَعْظَـــمُ إِنْ قَضَيْـتَ مِحَــالاَ
قَدْ كَـــانَ بَأْسُكَ بِالمُخَـــالِفِ حِكْمَــةً  
   وَيَمِينُ فَضْــــلِكَ لِلْوَلِـــــيِّ طِـــــوَالاَ
أَبْصَــرْتَ بِاللَّيْـــلِ البَهِيـــمِ هَوَامَـــهُ   
  عَنْ صُمِّ صَخْــرٍ كُــنَّ فِيـــهِ خَيَــالاَ
وَسَمِعْتَ فِــي قَعْــرِ المُحِيطِ دَبِيبَهَــا   
  واللهُ أَعْظَــــمُ مَــــا يَكُـــونُ مِثَــــالاَ
وَأَجَبْتَ مِــنْ قَوْلِ النَّجِـــيِّ دُعَـــاءَهُ   
  فَلــكَ المَحَـــامِدُ مَـــا بَقِيـتَ توَالَـــى
وَنَصَرْتَ عَبْدًا حِينَ أَطْرَقَ خَاضِعًا  
   وَقَضَيْــتَ عُقْبَـــى الظَّـــالِمِينَ نَكَـالاَ
أَنْتَ الوَلِـــيُّ فَلَيْسَ دُونَـــكَ نَاصِـــرٌ 
    يُزْجِـــي الرِّمَـــاحَ وَلاَ يُمِــدُّ نِبَـــالا
مِنْــكَ الوَفَـــاءُ لِمَنْ حَبَـــاكَ لأَمْــرِهِ    
 وَلأَنْـــتَ تَحْفَـــظُ لِلْوِصَــــالِ حِبَــالا
أَنْتَ الّذِي حَـــازَ الوُجُـــودَ بِمُلْكِــــهِ  
   فَلَــكَ المَمَـــالِكُ قَــدْ خَضَعْـــنَ ذِلالا
دُمْتَ المُهَيْمِنَ فِــي رُبَاهَـــا قَاهِـــرًا 
    تَنْفِــي الشَّرِيـــكَ شَرِيعَـــةً وَفِعَـــالا
فَلَـــرُبَّ جَبَّـــــارٍ قَهَــــرْتَ بِذَنْبِــــهِ  
   وَلَـــرُبَّ شُجْعَــــانٍ أَبَـــتَّ وِجَــــالا
مِنْكَ السَّلامُ وَأَنْتَ كُنْــــتَ سَلامَهَـــا   
  وَإِلَيْكَ أَسْلَــمَ مَـــنْ رَضِيتَ عِجَـــالا
أَمِنَتْ بِحِفْظِكَ يَــا قَـــوِيُّ رُبُوعُهَـــا  
   وَإِذَا قَضَيْــــتَ تَرَكْتَهــــــا أَطْــــلالا
حَــــيٌّ وَقَيُّــــومٌ بِخَلْقِــــكَ قَائِــــــــمٌ    
 وَدَوَامُ عِــــــــزِّكَ لاَ يُقِـــــــرُّ زَوَالا
قَدْ حِزْتَ أَوْصَافَ الجَمَالِ وَزِدْتَهَـــا   
  وَصْفَ التَّكَبُّرِ عِزَّةً وَجَــــــــــــلالا
سُبْحَـــانَ جَدِّكَ قَدْ تَقَـــدَّسَ سَامِيًــــا   
  عَنْ كُـــلِّ عَيْـــبٍ قَدْ حَوَيْتَ كَمَـــالا
زَعَمَ المُعَطِّلُ أَنَّ أَمْـــرَكَ مَــا جَرَى   
  مَحْضُ افْتِـــرَاءٍ بَلْ قَضَـــاهُ مُحَــالا
وَأَتَى الكِتَــابَ بِفِعْــلِ شـــرٍّ قَاصِــدًا   
  تًأْوِيلَ مَـــا قَدْ بَــــانَ مِنْـــهُ جِـــدَالا
وَأَغَــارَ فِي ثَوْبِ المَجَــازِ مُنَافِحًـــا    
 عَـــنْ شِرْعَـــةٍ لِلجَـــاحِدِينَ فَغَالَــى
وَمُــــرَادُهُ حَقًّــــا فَوَصْـــفُ إِلَهِنَــــا   
  بِالعَجْـــزِ يَعْـــدُو الجَاهِلِيـنَ ضَـلالا
بَـلْ قَدْ تَجَـــاسَرَ أَنْ يُشَبِّـــهَ رَبَّـــــهُ  
   عَدَمًــــــا فَأَبْلَـــــغَ قِحَّــــةً وَسَفَــــالا
فَاللهَ أَسْــــأَلُ أَنْ يُجَنِّـــبَ حِزْبَــــــهُ    
 دَرْبَ المُؤَوِّلِ حَيْـــثُ حَـــلَّ وَحَــالا
أَغْرَاهُ حِلْمُكَ يَـــا عَظِيـــمُ وَغَــــرَّهُ    
 طُــولُ الزَّمَـــانِ فَكَمْ أَسَـــاءَ فِعَـــالا
بَـــارِي البَرِيَّــةِ قَدْ سَطَــوْتَ بِعِــزَّةٍ   
  وَحَبَيْــتَ بِالعَفْـــوِ الجَمِيـــلِ رِجَــالا
كُنْتَ الحَلِيمَ وَكَــــانَ حِلْمُكَ سَابِـــقٌ 
    وَقْـــعَ العَذَابِ كَمَنْ تَصُــونُ عِيَـــالا
كَمْ مِنْ بَغِـــيٍّ قَدْ تَجَـــاسَرَ ظَالِمًـــا    
 أَخَّرْتَ حِينًـــا كَــيْ يَتُـــوبَ فَــــزَالا
وَأَخُ المَحَــاسِنِ كَــمْ حَفِظْتَ جَنَابَــهُ  
   فَغَـــدَى زَمَـــانُهُ وَالسِّنُــونُ طِـــوَالا
مَازِلْتَ تُجْـــرِي كُلَّ خَيْـــرٍ مِنْهُــــمُ  
   وَتَمُـــنُّ بِالأَجْـــرِ العَظِيـــمِ سِجَـــالا
أَلِهَتْكَ بِالخَــــوْفِ القُلُـــوبُ وَلَيْتَهَـــا  
   أَجْـــــرَتْ لأَمْـــــنٍ بِالتُّقَــى آمَــــالا
وَأَتَتْكَ تَطْمَـــعُ مِـــنْ نَوَالِكَ مَـالَهَـــا  
   تَخْشَى وِصَالَكَ أَمْ تُرِيــدُ وِصَــــــالا
خَضَعَـتْ لِحُبِّكَ دُونَ سَطْوَةِ قَاهِــــرٍ    
 وَرَجَتْــــكَ تَطْلُـــبُ بِالهَـــوَى إِذْلالا
يَـــا مَـــنْ أَمَدَّ بِكُـــلِّ خَيْـــرٍ رُمْتُـــهُ  
   أَلْبَسْتَ شِعْرِي عَنْ سِوَاكَ عِقَــــــالا
طَرَبَ الفُــؤَادُ لِذِكْــرِ فَضْلِكَ نَشْــوَةً   
  وَأَبَى المِدَادُ سِوَى الخُضُوع فَسَـــالا
لَكِنَّ جُرْمِـــي قَدْ أَضَـــرَّ بِصَنْعَتِــي   
  فَجَنَى القَصِيدُ عَلَى الخَطِيبِ وَبَـــالا
إِنْ لَمْ تُجِرْنَــا مِـــنْ عَذَابِكَ رَحْمَــةٌ 
    فَلِغيِّنَــــا تصلَـــى النُّفــوسُ خَبَــــالا
فَــــارْحَمْ أَيَــــارَبَّ البَرِيَّـــةِ إِنَّنِـــي    
 حَـــاذَرْتُ مِمَّـــا قَـــدْ كَتَبْـــتُ زَوَالا



([1]) هذه القصيدة نشرت في "مجلة الإصلاح " العدد :42

المشاركات الشائعة